يسجل في إقامة الوافد المرافق الذي قدم مع من تم التعاقد معه للعمل في المملكة عبارة «غير مصرح له بالعمل»، وغالبا ما تطبق هذه العبارة على فئتين: إما زوجة الوافد، أو المحرم الذي قدم مع زوجته أو ابنته، الفئة الأولى أعدادها كبيرة جدا، وجل هذه الفئة يحمل مؤهلات علمية في كثير من الأحيان يحتاجها سوق العمل، ولكن هذه العبارة تمنع المقيم من مزاولة أي عمل مهما كانت طبيعته، أو مدى الحاجة إليه.
إن تدوين هذه العبارة في إقامة الوافد المرافق يهدف إلى عدم تمكينه من العمل من أجل إتاحة الفرصة للمواطن باعتباره الأحق بأي فرصة وظيفية متاحة، الغاية واضحة، والقصد نبيل، والكل يثمن ذلك ويحمده للجهة المختصة التي لم يغب عنها إعطاء الأولوية للمواطن وتمكينه من العمل في الوظائف المتاحة في القطاعين العام والخاص.
لكن وفي ضوء المعايشة الميدانية لمجالات العمل في القطاع الخاص تحديدا، وأخص التعليم والصحة، تبين أنه يوجد الكثير من الفرص الوظيفية التي تحتاج إلى من يشغلها، ففي التعليم الأهلي العديد من التخصصات التي يتطلب شغلها كفايات علمية وخبرات عملية لا يمكن التنازل عنها لما لها من قيمة في تحقيق النجاح والتميز وأداء المهمة التعليمية والتربوية على الوجه الأكمل، فتدريس الصف الأول الابتدائي يتطلب سمات شخصية في المعلم، منها القدرة العلمية والتربوية و الحلم والصبر والمثابرة والالتزام والأمانة والصدق، والمتابعة المستمرة لأداءات الطلاب وفق الأهداف والمهارات المحددة في كل درس وهي كثيرة لكون الطالب في بدايات التكوين المعرفي والمهاري، وهذا يتطلب المزيد والمزيد من الجهد والصبر، هذه المهمة لا يمكن أن يقوم بها أي معلم، وأخص حديث التخرج، صغير السن .
وتدريس العلوم ( الفيزياء، الكيمياء، الأحياء) والرياضيات في المرحلة الثانوية، يتطلب قدرة علمية فائقة في المعلم و مهارة تربوية في إدارة الصف وتنوع في طرائق التدريس، كذا الحال بالنسبة لتدريس اللغة الإنجليزية، في هذه التخصصات تحديدا يعاني ملاك المدارس الأهلية أشد المعاناة من توفير المعلم السعودي المتمكن القادر على تدريس هذه المواد المهمة ولو مجرد عدد فقط، بغض النظر عن الكفاءة العلمية والمهارة التربوية التي لا يمكن التنازل عنها باعتبارها من المسلمات، أما المعلمات فالحال أشد وأنكى، صحيح أن أعدادهن في هذه التخصصات متوفرة، لكن الإشكال في مدى التزامهن في مواصلة العمل، والمثابرة عليه وفيه، فالملاحظ أن المدارس الأهلية تعاني من ترك المعلمة للمدرسة دون اعتبار للالتزام بالعقد، أو استشعار للمسؤولية والأمانة التي تقتضي في أقل الأحوال الانتظار حتى يتوفر البديل، هذه الاعتبارات عند البعض غير ذات أهمية حيث تترك المعلمة عملها في المدرسة الأهلية خلال العام الدراسي متى ما أرادت، عندئذ يضطر مالك المدرسة البحث عن بديل لها، يبحث في قوائم المرشحات يتصل بهن، دون جدوى، والجدول المدرسي لا يقبل الانتظار البتة ولو ليوم واحد، بعد اليوم الأول يبدأ ضغط الطالبات وأولياء أمورهن، وهو ضغط مشروع، يسقط في يد مالك المدرسة وتنقطع الحبال في يده، المعلمات المتخصصات غير متوفرات، البديل عنهن من المرافقات متوفر، وعلى درجة من الكفاية العلمية والتربوية، لكن يحول دون التعاقد معهن وتمكينهن من التدريس عبارة «غير مصرّح له بالعمل».
إن بقاء الطلاب أو الطالبات دون معلم ولو لحصة واحدة أمر لا يمكن أن يتحمل تبعاته مالك المدرسة، ولن يقبله ولي أمر الطالب أو الطالبه، لهذا وأمام هذه المعادلة الصعبة يضطر مالك المدرسة إلى تمكين المعلم أو المعلمة متجاوزا عبارة «غير مصرح له بالعمل»، لأنه لا خيار أمامه أو له سوى التمكين، وإلا سوف ينتظر ويطول به الانتظار، وبالتالي يضيع على الطلاب الكثير من الحصص التي لا يمكن تحمل تبعات التأخر في تدريسها.
المصلحة التعليمية للطلاب توجب على مالك المدرسة ترجيح خيار الاستعانة بمن قرر بحقه عدم التصريح له بالعمل، وهو خيار المضطر، لكن وزارة العمل لا تعترف بهذا، المهم عندها عدم التمكين، مصلحة طلاب لا تعنيها، لهذا تسارع إلى إيقاع عقوبات مالية مجحفة بحق مالك المدرسة الذي استعان بمن رئي عدم التصريح له بالعمل بدل أن تتفهم موقفه وتبحث في إمكان التصريح لمن تمس الحاجة له طالما أنه لم يتوفر البديل من السعوديين.
ab.moa@hotmail.com