|
الجزيرة - عبد السلام السليس
رغم وعود وزارة الزراعة بقرب انتهاء أزمة الشعير، والعقوبات الصارمة التي أصدرتها وزارة الداخلية بحق من يثبت تلاعبه بالأسعار، إلا أن الأزمة لم تحظ بحل جذري خصوصا في ظل سيطرة بعض العمالة غير السعودية على سوق الشعير بمباركة عدد من الموزعين، واضطرت أزمات الشعير المتلاحقة مربي المواشي للبحث عن بديل للشعير واستخدام خيارات أخرى من الأعلاف كالبرسيم والذرة والمخلوط، الأمر الذي انعكس مباشرة على أسعارها حيث ارتفعت من 14 ريالاً إلى 20 ريالاً، وحول هذا الجانب يقول الاقتصادي فضل البوعينين إن الدعم الحكومي ليس طارئاً، بل هو موجود منذ سنوات، ومع ذلك لم نر أزمة حقيقية في معروض الشعير في الأسواق.
وقال: نعلم أن دعم الشعير يكلف الدولة آلاف الملايين من الريالات، وأن وزارة المالية معنية بضبط هذا الدعم، حفاظاً على المال العام، إلا أن قصر الاستيراد على شركة واحدة يضر بالسوق والمستهلكين، ويفرغ سياسة دعم الشعير من مضامينها، خاصة أن هناك جشعاً من بعض الوسطاء والموزعين دفعهم نحو استغلال إجراءات الضبط الحكومية لافتعال أزمة الشعير بهدف استغلالها والتكسب منها.
ويضيف: بعض العاملين في نقاط التوزيع الرسمية باتوا يستغلون الأزمة لتحقيق مكاسب مالية من خلال عمولات مباشرة عن كل شاحنة، أو من خلال البيع لمصلحتهم الخاصة بالتعاون مع سائقي شاحنات، وهذا سبب نشوء سوق الشعير السوداء التي يباع فيها الكيس بأكثر من 45 ريالا».
ويتابع البوعينين : السوق لم تعد قادرة على تلبية طلب مربي الماشية، ويبدو أن الاعتماد على شركة واحدة في الاستيراد تسبب في حدوث الأزمة».
مبيناً أن توفير العرض بما يفوق الطلب بكثير هو العنصر الأهم في منع التجار من السيطرة على السوق. وشدد البوعينين على أهمية وجود مراجعة آلية لدعم الشعير من وزارة المالية بما يضمن وصوله إلى المستهلك النهائي، أو المستهدف من قبل الوزارة ، فالطريقة الحالية تقود إلى ظهور مشاكل متنوعة تدفع الوزارة إلى محاولة ضبط الدعم من خلال خفض عدد المستوردين، وربما قصرهم على شركة واحدة؛ وفتح الاستيراد المدعوم ربما كان من الخيارات المتاحة في الوقت الحالي، وهو الأقرب إلى كسر الاحتكار. وطالب البوعينين مصلحة الإحصاءات العامة بتقديم بيانات دقيقة عن حجم الطلب المحلي من الشعير، وحجم الاستيراد خلال السنوات الماضية، وبناء تصور تام للحاجة الحالية والمستقبلية بما يضمن توفيرها منعاً لحدوث الأزمة.
الموردون يتهمون «المالية»
الموردون بدورهم دافعوا عن موقفهم من الأزمة بصفتهم متهمين بالامتناع عن البيع أو الاستيراد. وقد حملوا وزارتي التجارة والصناعة والمالية المسؤولية، منها أن السبب الرئيسي للأزمة يعود إلى صدور توجيه من وزارة التجارة مرسل لموردي الشعير، يقضي بعدم استيراد الشعير من قبل كافة موردي الشعير إلا بعد أخذ موافقة خطية من وزارة المالية.
وأشاروا إلى أن الوزارة لم تعط منذ أربعة أشهر أية إجابة لا بالرفض ولا بالموافقة على طلبات الموردين بالحصول على موافقة، الأمر الذي أدى إلى انتهاء مخزون الشعير المتوفر سابقاً لدى المستوردين وخلو محطات البيع منه.
واتهم الموردون المالية بأنها احتكرت حصرياً استيراد الشعير في شركة واحدة منذ أربعة أشهر.
المالية ترد على الموردين
وزارة المالية سبق أن أوضحت أن استيراد الشعير مُتاح لكافة المستوردين، وفقاً للترتيبات التي أقُرت من قبل المقام السامي الكريم ومن قبل مقام مجلس الوزراء لتوفيره في السوق المحلي بالكميات الكافية وبالسعر المحدد.
وتتضمن هذه الترتيبات موافقة الوزارة على السعر والكمية لضمان عدم استغلال خزانة الدولة من قبل بيوت التجارة العالمية والمتعاونين معهم، كما كان الوضع في السابق. وأضاف إيضاح الوزارة أن الشركة التي أشير إليها في تصريحات مستوردي الشعير، تخضع لنفس الترتيبات التي تطلبها الوزارة من الموردين الآخرين، بما في ذلك السعر والكمية.
وقالت الوزارة إن الأسعار التي عُرضت من بعض الموردين تزيد بشكل كبير عما وافقت عليه الوزارة للشركة المذكورة.
الداخلية تحذر
حذرت وزارة الداخلية المغالين في أسعار الشعير ومن يعمل على تكديسه بغرض احتكاره ورفع أسعاره والمتاجرة فيه، مؤكدة بأنها لن تدخر جهداً في سبيل تتبع ومعاقبة المخالفين. وجاء في بيان أصدرته أنه بناء على ما لوحظ مؤخراً من وجود شح في كميات الشعير المتوفرة في السوق في مختلف مناطق المملكة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعاره عن السعر المحدد من قبل الدولة بـ (40) ريالاً للكيس زنة (50) كجم ووصول السعر إلى مستويات قياسية، وما أحدثه ذلك من إرباك للسوق، وخلل في شبكة الإمدادات، مما جعل الكثير من مربي الماشية في المملكة يتذمرون ويعانون من جراء ذلك.
ولضرورة إعادة الأمور إلى نصابها وإصلاح الخلل بشكل فوري فإن الوزارة تحذر كل من يعمل على تكديس الشعير بغرض احتكاره ورفع أسعاره والمتاجرة فيه، وتؤكد أنها من واقع مسؤولياتها لن تدخر جهداً في سبيل تتبع ومعاقبة كل من تسول له نفسه فعل ذلك وستضرب بيد من حديد على كل مخالف، علماً بأنه صدرت مؤخراً قرارات عقابية رادعة في حق العديد من تجار ومستوردي الشعير..