حين تهطل الكلمات في باحة فكرك كالعطر وشظايا نجوم احترقت لتتناثر ضوءا فإنك ترحب بهذا السطو العطري الرائع، وبهذا الشجن الذي تعزفه الكلمات فاتحا نوافذ قلبك وأبوابه للفجر والعطر.
«حدائق لوركا» ديوان د. وفاء خنكار الصادرحديثا عن نادي الطائف الأدبي فتح شهيتي للكتابة بعد قراءتي أجزاء منه، لا أنكر أن العنوان جذبني كثيرا بعد أن ابتذل الكثير من الشعراء وأقحموا أسماء معروفة في قصائدهم وكتاباتهم لا لقصد الثراء وجمال النص بل استعراض ثقافة مقحمة إقحاما في غير محلها، لكني عرفت حين بدأت أتجول في حدائق لوركا وخنكار أن هذا السطو من الجمال وهذه الثمار اللذيذة والأحرف العطرة والقصائد الشهية كانت تعيد للقصيدة وهجها وللحرف عطره، بل تكاد لا تجعلك تلتقط أنفاسك وأنت تتجول في حدائق القصيدة.
في ديوان وفاء يداهمك حبر ضوئي، وهمس أنثوي يتسلل لقلبك بعذوبة، يحملك معها طائر الأوز إلى المروج فتفك ضفائر القصيدة في حضرة الشمس قبل أن تقضم الأرانب شريطة شعرها، تمطرك أشجار الكرز وتلهو في مراعي الطفولة.
تخاطب خنكار الشاعر الإسباني الرائع فريدريك جارسيا لوركا بحوار يمد أجنحته في سماء حبلى بمطر الكلمات، وكأن بها تقف على أسوار مجد أجدادها القديم بالأندلس تستلهم الماضي وطفولة مغموسة بالفل والياسمين وعطر التفاح، تتحدى البؤس والمدن التي تسطو على براءة الحياة.
وفاء في هذا الديوان تكتب بالضوء قصيدتها وباللون، وترقص الفلامنجو على قرع نبضها، تخرج من أنات امرأة لتمضي كما تقول إلى المعنى بحب وصدق وعفوية.
كان لوفاء باع في مجال التعليم وأفكار حملت فيها وطنها داخل قفصها الصدري تقرع أبوابه كلما ثار حنينها إليه، وهي اليوم في قصيدها تؤكد أن القصيدة هي الهواء والحياة والناقوس الذي يقرع في عالم الهذيان.
من آخر البحر لوفاء خنكار
لوركا .. لوركا ..
استمر في عزفك ..
إني أسمعك ..
فقد تركت شرفتك مفتوحة ..
وتفاحك وفلك وياسمينك ..
يتساقط على أرضية شرفتي كل صباح ..
سأظل أذكرك لوركا ..
فهداياك تأتيني على جناح ملاك ..
من جنائن الخلود ..
mysoonabubaker@yahoo.com