تطالعنا الصحف خصوصاً الإلكترونية منها بالعديد من تعليقات القرّاء على ما تنشره من مقالات ومواد صحفية موقعة بأسماء مستعارة ومذيلة بعبارات منها الجاد ومنها ما يظهر لُغة الاستفزَاز والسُّخرية ونحوه ، ولا يعرف سبب تعب المعلقين على إقحام سالفة بسالفة لشد حزام الآخرين وجرهم نحو قالب لا يعرفون مقاديره ولا يتجنبون محاذيره ولا هم تغنوا بإهداء السوار ولا بالذين تمسكوا بآداب الحوار، فتجد الرأي المسبق والتعصب الأعمى وقلة الخبرة وطغيان العاطفة والفكر المتصلب وتلك مجرد عناصر ومؤثرات خارجية تمنعنا أن نفكر بشكل سليم ومحايد. ولا دليل على قوة تأثير الصحيفة الإلكترونية ووصول رسالتها إلى الملتقي مما تتركه من مئات وآلاف التعليقات تكون ضدا أو تطبيلا حسب قرابة الكاتب ورؤاه وأفكاره من المتلقي.
ففئة تجد لديهم جاهز التعليقات يتداولونها بالبلوتوث وينظر لهم بعين الغبطة على ما لديهم من جمل تمثل (دواء جمعه) لا تضر ضريرا ولا تعف عفيفا يرسلها باتجاه الريح دون أن يعنّي أحدهم نفسه ويكمل قراءة الموضوع.
وقسم آخر ليس له هدف إلّا النقد مع شخصنة الموضوع للنيل ممن لا يعجبه من المسؤولين أو طبقات المجتمع ولا عجب لذلك فتلك المادة تقرأ من كل المستويات من (الأمير) إلى الخفير راجعا بعقله أيام الجاهلية وكأن عنترة سل سيفه على شاشة بلازما ومثلهم مثل الرامي بدعواه يا رب تصيب. وعند تقسيمهم تجدهم شللا بل (ملل) وكلا أبى إلا أن يتخذ مذهبا وعقيدة فمنهم شلة المادحين وأخرى القادحين وبغض النظر عن فكرة الموضوع أو جودة الطرح فهو يتناول الطرف ويعلق.
ومنهم من يتقمص شخصيات واقعية أو (طاش ما طاشية) ويستمتع بما يحدثه من مشادات وحروب (تعليقاتية) وذلك هو المضحك المبكي.
وحتى نكون عادلين في الطرح يجب أن لا ننسى أن بعض الصحف الإلكترونية تقوم بانتقاء غير عادل لتعليقات القراء ما يثير حفيظة الكثيرين وبذلك تصل للهدف الأسمى للصحيفة وهو زيادة الكم على النوع وترجح عندهم كفة الجهلاء على المفكرين غير مدركة أن أكوام القطن مهما ارتفعت تتطايرعند ارق نسمة. طبعا من يصل لمرحلة من الوعي فسيعرف ميول الصحيفة من خلال التعليقات وهل هدفها سام أم (مقعر) ليتناسب مع أذواق من لا متعة لهم سوى التعليق على الآخرين سلبا أم إيجابا.
القسم الأخير وهم القلة النادرة وفردوس الأماني يتسمون بالموضوعية والمصداقية والرقي ، وحيادهم في التعليق هو ما تبحث عنه عرائس المقالات في شتى الصحف.
بعض الكتاب لا يهمهم سوى تلك النخبة غير آبهين للآخرين مطبقين ما قيل (لا تجادل أحمق ، حتى لا يخلط الناس بينكما).
والله الهادي إلى سواء السبيل.