استجداء القيمة قد يكون بالتكبر وقد يكون باستحداث أمر سلبي خارج المألوف ويدخل في ذلك الحسد الذي يشعر صاحبه بالنقص والحرمان مما عند الآخرين؟! إن الحسود بهذا العمل السيئ يعتقد أنه حقق مكاسب كبيرة أو أنه استطاع الوصول إلى من لم يستطع الوصول إليهم من خلال الوسائل المشروعة وهو بذلك يقف ضد كل القيم والفضائل ويقلّل من شأن الآخرين، يحارب مكارم الأخلاق ولا يعترف بالقناعة يهدد تماسك المجتمع وترابطه لا يقر المثل العليا ويحارب أهلها؟ يحمل في قلبه الحقد للجميع وصل إلى درجة لا يتمناها أحد؟ إنه الحسد القاتل والمهنة المشينة التي يتفنن صاحبها في الإساءة للمجتمع وعلى كل الأصعدة حتى أولئك الذين يبذلون المعروف ويساعدون الفقراء والمحتاجين ويغيثون الملهوف ويخدمون الوطن معرضون للحسد والحساد، وكذلك من أعطاهم الله المكانة الاجتماعية والعلمية والمالية والعلمية مهدّدون من أهل الحسد وتوجيه صواريخهم القاتلة إلى هؤلاء الأخيار، فبدلاً من الدعاء لهم بالتوفيق وخدمة الناس فإن الحسَّاد على العكس تماماً يخالفون هذه القاعدة ولم يسلم منهم حتى من يحظون بحب وتقدير الناس وتم على أيديهم حل الكثير من القضايا كالأعناق والرقاب وإصلاح ذات البين. إن المجتمع يعاني من شرور أهل الحسد وما زال صابراً مقتدياً بالكتاب والسنَّة، إنها فضيلة الصبر قال الشاعر:
أصبر على حسد الحسود
فإن صبرك قاتله
كالنار تأكل بعضها
إن لم تجد ما تأكله
والحسود لم يدرك أنه من الحسد ما نفع؛ فمن الطرائف أن أحد الحسَّاد كان له قريب يعمل عند أحد التجار براتب أربعة آلاف ريال مما أثار حقده وغضبه فذهب إلى التاجر وقال أنتم تدفعون رواتب مغرية، ففلان مثلاً لا يملك مؤهلات علمية وراتبه أربعة آلاف ريال: فقال التاجر غير معقول وفلان لا يستحق ذلك ففرح الحسود معتقداً أنه حقَّق غايته ولكن المفاجأة أن التاجر قال إن هذا الرجل يعمل منذ عدة أعوام وبكل أمانة وإخلاص وراتبه هذا قليل وأمر بزيادة مرتبه إلى ستة آلاف ريال شهرياً وترك الحسود يموت بغيظه وكأنه بذلك العمل يجسّد معنى المثل المعروف (عين الحسود فيها عود) ولو كل مَن حاول الحسد وجره إلى أعمال تضر بالآخرين عمل مثل ذلك التاجر لأصبحت نسبة هؤلاء الحاقدين قليلة.. والمجتمع مدعو لمحاربة الحسد وأهله بذكر الله وأعمال البر. إنه الحسد وإنه الخطر فقاتلوه حتى تتحقق نظرية الحسود لا يسود.