نقرأ أحياناً خبراً عن تبرع سخي من أمير أو من رجل أعمال ومثل هذه الأعمال الخيرية، يأتي إعلانها وإن لم نشعر تشجيعاً ودعماً لسنة خف وهجها والعمل بها، وهي التبرع والإحسان للفقراء فلقد قصرنا بحقهم رغم مسؤوليتا كمجتمع وأفراد مسؤولية كاملة عنهم! واسمحوا لي أن أزعم أن الترويج للعمل الخيري بنشر خبر عنه عبر الصحف أو غيرها هو أيضاً عمل خيري، قيل لأحد المتبرعين إنك تعلن عن تبرعاتك ولا تجعلها سراً بينك وبين ربك؟!.. فقال إني بذلك أشجع الأثرياء مثلي على التبرع! وانطلاقاً من هذه القاعدة فإن التبرعات المعلنة تشجع على الأعمال الخيرية! ومن ينشر عنه تبرعاً واحداً فهو بالتأكيد لديه الكثير من التبرعات غير المعلنة والتي أعانت وأوقفت لهيب سياط الفقر عن ظهور الفقراء وإراحتهم ولو مؤقتا وساعدتهم على توفير احتياجاتهم.
أكتب ذلك وأنا أقرأ الخبر الموسع الذي نشرته الجزيرة يوم الجمعة الماضي عن دعم الأمير مشعل بن عبدالعزيز لتوزيع أكثر من (13) شاحنة محملة بالمواد الغذائية لفقراء رماح! وقبل ذلك قرأنا عن دعم الأمير عبدالعزيز بن فهد لزواج أكثر من 100 شاب من جمعية إنسان! ونقرأ بين الحين والآخر مساهمات خيرية لعدد من الأمراء ورجال الأعمال والأثرياء ولست بصدد تعداد أسماء المتبرعين وهم كثر ولله الحمد، لكنها أيها السادة لا تكفي ولا تسد حاجة فقراء لبلد بحجم المملكة الذي يتضاعف عددهم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة وتنوع متطلبات الحياة ونسبة البطالة.
ولست أبالغ إذا قلت إن لدينا عدداً كبيراً من الأمراء ورجال الأعمال الأثرياء ونعلم أن فيهم خيراً كثيراً ومساهمتهم في رفع الفقر عن المواطن هو واجب ديني والتزام وطني على كل من انعم الله عليه وأمده بالثروات الكبيرة.
ولأن رمضان على الأبواب فيفترض أن الجمعيات الخيرية قد بدأت نشاطها وتوجهت إلى أصحاب الثروات والزكوات منذ فترة لتأمين احتياجات الفقراء، ولكنها دائماً تبدأ متأخرة ولا تعمل بروح وليس لديها خطة موحدة! وكان بإمكانها أن تحدد يوماً تجمع فيه التبرعات لفقرائنا مثلما سبق لنا أن جمعنا لإخواننا في فلسطين وأفغانستان فحق المواطنة يجعل الجمع لإخواننا المواطنين أمر أوجب وفي هذا اليوم المقترح يمكن أن تساهم وسائل الإعلام وخطباء المساجد، وليتنا في هذا العام نهتم بمساعدة فقراء الساحل والذين لا تصلهم المساعدات كما تصل لمن هم يجاورون الأغنياء في مدنهم!.
بعض الفقراء قد يصلون إلى الأبواب ولكن الكثيرين منهم لا يعرفون الطريق إليها ولا تستطيع أيديهم طرقها فلما نكفيهم نحن مذلة السؤال، إن في جسدنا عضواً يشتكي فلم لا تتداعى له أطرافه!! كما هو المفترض من المؤمنين في توادهم وترابطهم. إن السؤال المهم والذي يجب أن نسأله لأنفسنا باستمرار هل نحن مقصرون مع فقرائنا؟ أعتقد أننا مقصرون.
خاصة تجاه أولئك الذين لا يجدون مسكنا ولا يستطيعون تأمين المأكل والملبس لأطفالهم ويؤرق نومهم قيمة فاتورة الكهرباء وقسط إيجار البيت!!.. هناك الكثيرون من المعسرين والأرامل وهناك من أودع عائلهم في السجن وليس لهم إلا مجتمعهم ليهتم بأمرهم، قال تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}! فهل أعطينا الفقراء حقهم من أموالنا! أم (نغتصب) هذا الحق ونمنعهم منه، معتقدين أن ليس لهم حق في أموالنا مع أن الحقيقة غير ذلك!!.
alhoshanei@hotmail.com