كتب الدكتور إبراهيم التركي يوم السبت 8 شعبان في العدد 214163 مقالاً تحدث فيه عن قضية مقلقة محزنة مؤسة ألا وهي سرقة البحوث والرسائل العلمية والتي تمثل عاراً وشناراً على مقارفها وتساءل بهدوء مجيباً عن تساؤله الكبير قائلاً: (كيف يحمى الساطون على جهود غيرهم الشخصية وتجاز اختلاساتهم العلمية ولا يحقق أو يدقق في مشروعية بحوثهم وكتاباتهم لوجاهة اكتسبوها، أو لغفلة استغلوها، أو لمنافذ دخلوا منها خفافاً وخرجوا بطاناً) وأقول للأستاذ إبراهيم: لم يلجأ من لجأ لمثل هذه الطرق المشينة- ليس تبريراً له - إلا حينما وجد الأبواب مغلقة والعقبات كأداء أمام تحقيق رغبته في الحصول على الدرجة العلمية بطرق مشروعة ففي جامعاتنا اشتراط دراسة لمرحلة الماجستير والدكتوراه فصلاً دراسياً أو فصلين وتزيد دون نقص متفاوتة حسب اجتهاد أو قل أمزجة أعضاء مجلس الكليات مما يشكل صعوبة على طالب الدراسات العليا الذي لا أظنه يحتاج لتضييع سنتين ثمينة تزيد أو تنقص قليلاً في دراسة أكاديمية في أكثر الأحيان والأحوال لا تسمن ولا تغني من جوع حيث قدرته العلمية الطيبة إضافة إلى تقصير واضح جلي من بعض أساتذة الدراسات العليا في إعطاء المادة أو غيابهم أو تقليص زمن المحاضرات علماً أن هناك جامعات خارجية معتبرة ولها ثقلها ووزنها لم تشترط هذا الشرط التعجيزي الذي يسرق من عمر الطالب جزءاً غالياً بالإمكان الاستفادة منه في بحث علمي مثري مفيد كما أنه قبل أن يدلف الطالب إلى هذه المرحلة المتقدمة وهي انخراطه في الدراسة التمهيدية للماجستير أو الدكتوراه يواجه معاناة كبيرة في قبوله حيث الأهواء الشخصية حكماً والمحسوبيات فيصلاً فيحرم مستحق ويقبل غير مؤهل بل إن بعض المتقدمين يحرمون من القبول في العام ثم يلجأون إلى التعليم الموازي هروباً من شرط التفرغ الذي لا يستطيعونه حيث ارتباطاتهم الأسرية ورعاية أولادهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم فيقبلون في التعليم الموازي دون تعقيد أو تشدد وكأنه يراد استنزاف جيوبهم والتي قد تصل المبالغ المدفوعة إلى (75000) ريال في حال كون الدراسة مدتها سنتان ونصف بمعدل (15000) ريال للفصل الدراسي الواحد ثم إن أنهى الطالب الدراسة التمهيدية وخاصة الدكتوراه يواجهه خطران وعقبتان كأدان اختبار شامل: تحريري وشفهي ومن المضحك المبكي أن الاختبار التحريري تحكمه أحياناً المزاجية والحالة النفسية فيجتمع بعض المسؤولين المباشرين مع طلبة الدراست العليا ويعطيهم ثلاث ورقات فيها ما لا يقل عن عناوين ثلاثين كتاباً وقد تزيد يقرأونها جميعها وتكون الأسئلة فيها.. تعجيز واستعراض عضلات وتنفير متجاهلين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يسروا ولا تعسروا بشروا ولا تنفروا) حيث جُعلت أعني التعجيز والاستعراض والتنفير بدائل للتشجيع والدعم والمؤازرة التي يحتاجها طالب قضى ما يقارب العشرين سنة في حقل التعليم بمراحله دارساً وباحثاً مواصلاً الليل بالنهار وحارماً نفسه من كثير من متع الحياة فعلى سبيل المثال لا الحصر بعض زملائي الذين تخرجت معهم في الجامعة منذ تسعة عشر عاماً وواصلوا دراستهم العليا وحصلوا على درجة الدكتوراه لم يستطيعوا حتى الآن أن يبنون سكناً خاصاً لهم يؤويهم وأسرهم لانشغالهم بدراستهم وكدهم وتعبهم وكأنه مكتوب عليهم الشقاء والتعب وأمثالهم كثير وإني أتساءل أليس طلاب الدراسات العليا من أبناء الوطن ويستحقون الاحتواء والتشجيع والمؤازرة كي يستغني بهم الوطن عن الطاقات والعقول المستأجرة من الخارج المتكاثرة في جامعات الوطن والتي بعضها ليست على المستوى المأمول علمياً إضافة لما تسببه من نزف اقتصادي لثروة الوطن؟
جامعاتنا عريقة والثقة فيها كبيرة ويتولى قيادتها وتسيير دفة الأمر فيها رجال أكفاء ظفروا بثقة ولي الأمر وقائد هذا الكيان الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وتم اختيارهم لرعاية شؤون الجامعات وطلابها فالآمال فيهم كبيرة والمسؤولية الملقاة على عواتقهم عظيمة ومثل هذه الظواهر التي يشكو منها الطلاب وما نتج عنها من تصرفات مشينة من قبل بعض الدارسين تتمثل في الاعتداء والسطو على جهود الآخرين إنما جاءت حين غفل عن بعض الأشخاص الذين فوضت لهم المسؤولية ممن تغلبهم أهواؤهم الشخصية ويقفون حجر عثرة في طريق أبناء هذا الوطن الذين يحدوهم الأمل في خدمة الوطن الغالي والرقي به وليت ثم ليت قيادات هذه الجامعات يتنبهون لأمر أولئك ويسعون في تسديد هذا الخلل الذي يسهم بشكل كيبر ومباشر في تشويه سمعة جامعاتنا بل ووطننا العزيز ولست من يوجههم أو يملي عليهم شيئاً فهم أهل فطنة وأرباب حجا وذوي بصر وبصيرة.
ليس عيباً أن نرى أخطاءنا
عيبنا الأكبر أن نبقى نعاب
عبد الله بن سعد الغانم - تمير