لماذا يزدحم جسر الملك فهد صيفاً بالهاربين إلى البحرين؟ هل هم من هواة مشاهدة جديد السينما؟ أم ممن يتسوّقون هناك بحثاً عن أسعار مواد أرحم مما هي في الدمام والخبر؟ أم هو البحث عن حجوزات سفر مضمونة وأسعار تذاكر معقولة جداً، ومواقف سيارات مجانية؟.
ربما هي كل الأشياء السابقة وأكثر، لكن الملاحظة الأهم هي استخدام مطار البحرين للسفر، بعدما وصل المواطن إلى قناعة بأنّ مطار الملك فهد الدولي بالدمام يصلح لأن يكون أي شيء خلاف أن يكون مطاراً دولياً، فرغم المساحات الشاسعة للمطار إلى درجة شعورك بالوحشة لعدم وجود المسافرين، كما لو كان أحد الأماكن الغربية في رواية بوليسية، إلاّ أنه غير مؤهّل لأن يصبح مطاراً دولياً منافساً، فمن أسعار التذاكر العالية التي تصل إلى ضعف سعر التذكرة بمطار البحرين إلى نفس الوجهة، على سبيل المثال السفر من الدمام إلى دبي يكلف 1400 ريال تقريباً، بينما لا يزيد على 700 ريال من البحرين، إلى حيوية المطار وبشاشة تعامل فرق التشغيل فيه، خلافاً للأنفس المسدودة للعاملين في مطار الدمام، إلى استخدام مواقف المطار في البحرين مجاناً، في حين إقامة سيارة المواطن في المواقف لا تختلف عن إقامته في أحد الفنادق الأربع نجوم، وحين أقول إقامة سيارة فأنا أعني ذلك تماماً، لأنّ الأمر مكلف بالفعل رغم أنّ المساحات الشاسعة حتى بالمواقف تزيد على مواقف البحرين كثيراً، لكن المشكلة هي في الإدارة والتشغيل، فكيف يمكن تشغيل مطار دولي، وتوفير تسهيلات منافسة لشركات الطيران الأجنبية قبل أن يتحوّل مطارنا الضخم إلى سوق تجاري بارد، تتجول فيه العائلات المحرومة في جمرة القيظ!.
لدينا فعلاً مشكلة حقيقية في تشغيل المطارات الثلاثة، الرياض والدمام وجدة، فقد تحوّلت إلى ما يشبه محطات حافلات متدنية الخدمات، لا مواعيد سفر منضبطة، ولا تعدّد فرص السفر من قِبل شركات طيران متنوّعة، ولا تسهيلات لهذه الخطوط الأجنبية حتى نجد أسعار التذاكر التي نجدها في البحرين وقطر والإمارات، فما الذي يحدث بربكم في مطاراتنا وخطوطنا التي لم تزل تجعلنا نبتسم في كل رحلة، وجهاز التسجيل يردد منذ ثلاثين عاماً: شكراً لاختياركم السعودية!.
أتذكر أن الرياض في سنوات بعيدة، حينما لم تكن المدارس الأهلية فيها لا تزيد على أصابع اليد، تتحوّل صيفاً هذه المدارس إلى قصور أفراح، فمنها توفير قصور متاحة للتأجير، ومنها كسب أموال من مصادر جديدة غير التعليم، فلماذا بالفعل لا تستثمر هذه الصالات الضخمة والمهجورة في مطار الملك فهد، وتتحول إلى أرض معارض دولية أو مهرجانات صيفية أو حتى ملاهي أطفال مغلقة ومكيّفة، خاصة أنه لم يعد سراً أن ما يقارب عشرة آلاف مسافر سعودي يعبرون يومياً الجسر باتجاه مطار البحرين، بحثاً عن خدمات أفضل، وضمانات سفر أقوى وتعدد خيارات ووجهات، وأسعار مشجّعة ومنافسة، واحترام مسافر أياً كانت جنسيته و... و... إلخ.