نحن العرب دون سائر الشعوب نعتبر (أهل يمين) فنحن نقسم باليمين ونحلف إن اقتضى الأمر بيدنا اليمين بل إننا نحن الأمة الوحيدة بين الأمم وأستثني الشعوب الإسلامية يأتي كل منا بكتابه بيمينه يوم الحشر ونحن أكثر الشعوب التي تهتم باليد اليمنى دون استخدام شقيقتها اليسرى بل يحرِّم ديننا الحنيف أن نأكل باليد اليسرى ونشرب بها، ولذلك قال العرب يصفون الرجل الشجاع الكريم (بطلق اليمين) فهم يحملون السيف باليد اليمنى ويجزون بها رؤوس الأعداء أو (يطعنونهم) بالرماح قائلين تفاخراً (خذها من يمين فلان) فيجندله بالفلاة.
وقد قال العرب المتأخرون يصفون اليمنى:
يسرى بلا يمنى تراها ضعيفة
ورجل بلا ربعٍ على الغبن صبار
والطير بالجنحان محلى رفيف
وليّا انكسر حدا الجناحين ما طار
وقد قيل بالرجل الذي يستخدم يسراه في شؤون الحياة (رجل أعسر) كناية عن عسر استخدام يده اليمنى وقد قيل عن الشاعر والفارس ذي الإصبع العدواني أنه كان أعسرا ويستخدم يده اليسرى في استخدام السيف ولأن إصبعه الوسطى كانت مقطوعة فقد ثبت بدلاً منها قطعة من الجلد لتعين بقية أصابعه في استخدام السيف لذلك لقب بـ(ذي الإصبع العدواني).
وقد غلب هذا اللقب على اسمه الحقيقي تماماً كما غلب اللقب على الشاعر والفارس أيضاً (ثابت قطنة) لأنه قد ثبت قطنة على عينه المخلوعة وعُرف بهذا اللقب وتوارى اسمه الحقيقي خلف هذه الصفة تماماً، كما غلب لقب (الأمسح) على الشاعر والفارس الشمري الكبير شايع الأمسح لأنه كان بلا عين أخرى.
كل هذا التبرير الذي قد لا يعني القارئ كثيراً بل يعنيني أنا لأن يدي اليمنى أصيبت بكسر بسيط فلم أستطع استخدامها بالكتابة لذلك حاولت مراراً أن أكتب باليسرى فأخفقت تماماً ولذا نصحني أحد الأصدقاء أن أكتب على الحاسب الآلي ولو بإصبع واحدة ولكنني لن أفعلها مهما كان الأمر إلا للتشهد.. وللتشهد فقط لذلك كتبت هذه المقالة ليس بقلمي بل بالاستعانة بصديق سلمت أصابعه من الأوخاز (..!؟)