يجب أن تعلو المصلحة الوطنية فوق كل الطموحات الشخصية والأنانية الفردية أو الجمعية، وأن محاولة إغفال هذا الشيء يفقد الفرد أو المجموعة الشخصية الوطنية ويغمسها في المصالح الأنانية الضيقة، أن الهروب الكبير للعمالة يعد أمراً سيئاً للغاية وغير مقبول وينم عن غفلة وقصور والحديث عنه مؤلم جداً وطويل ومتشعب وبه وجع وألم، إن ملف هروب العمالة ملف محفوف بالغموض والأسرار وقد اشترك بعض المواطنين والمقيمين أصحاب النفوس الضعيفة في أن يكونوا أداة وسببا وعونا في هذا الهروب الماراثوني الكبير، إن الأحداث المأساوية والجنائية والأخلاقية والأمنية وتعطيل المصالح التي نسمعها ونقرأها في كل وقت وحين، سببها الطمع والجشع والأنانية المفرطة وفقدان الأمانة والحس الديني والإنساني والوطني، إن صورة الهروب الكبير والبشع للعمالة التي لا تدعو للرضا يجب أن يعلق كامل وزرها في أرقاب الداعمين له والمهيئين له والمحرضين عليه والمتواطئين والمستقبلين بترحاب بالغ وكرم فائض لكل هارب فر من كفيله ومن موقع عمله وأن يوقع عليهم الجزاءات القاسية والكبيرة والرادعة والفورية في حقهم دون شفقة ولا رحمة وأن يشهر بهم اسماً وصورة وعنواناً، لأنهم في عملهم هذا قد عرضوا الأمة والوطن أناسا وكيانا لإشكاليات كثيرة متنوعة ومخيفة وركبوا قطار الظلم والعدوان وزرعوا تحت الأقدام عبوات ناسفة للأحلام والتنمية وكسروا القانون وعطلوا المصالح، حيث نفوسهم مسكونة بالجشع والتقصير والفساد والطمع والأنانية ولا يتوانون في إهدار الحق العام والخاص وخيانة للوطن، إنهم (مافيا) سرية وخطيرة و(تسونامي) فساد أكلوا وضيعوا مصالح الناس والوطن وخذلوا الجميع بأعمالهم الرمادية الباهتة، وحتى الضحايا أنفسهم حرموهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والمادية والمعنوية، إن المسؤولية تمتد لتشمل حدود الجميع والاستهانة بهذا الشيء يعد استهانة بالوطن ومصالح المواطنين، وأكثر من ذلك هو تعطيل للتنمية وللعمل وهدر للمال وضياع للقدرات وخطر على الأمن الوطني القومي ومقدرات الأمة، حتى ولو ألبسوها كل ذرائع الدنيا وتسويغاتها فلن تكون بغير هذا الوصف، إن كل من يستهين بالصالح العام مهما كان وصفه وعنوانه الوظيفي فهو شريك في هذا الهروب الكبير، لقد آن الأوان للوقوف بتمعن عند هذه القضية، لحساب الأثمان المدفوعة والمصالح وتجفيف الجروح المفتوحة التي أحدثها هذا الفعل المقيت، إننا نحتاج إلى جرأة في التشخيص القيق التي أفرزتها هذه المعضلة الهامة والمهمة، وأعتقد جازما بأننا لا نحتاج إلى حلول سحرية للخروج من هذه الأزمة التي نعيشها واقعا سيئا ومرا بقدر ما نحتاج إلى الإخلاص -الجدية- الحزم، فالإخلاص والجدية والحزم في تنفيذ وتطبيق الواجب والتقيد بالقوانين بطريقة علمية بعيداً عن الانحرافات النفسية والسلوكيات الخاطئة وبعيداً عن الانحيازات للمصالح الفردية والجمعية والاحتراف والشفافية في عملنا يعد دواءً ناجعاً وشافياً وماءً طهوراً لكل قضايانا، ولكي نخرج من هذه الأزمة يجب علينا أن نستند جميعاً إلى المنظومة الأخلاقية الموجودة في مجتمعنا والتي تعتمد على منابع غنية مثل الدين والقيم التاريخية بالإضافة إلى الأعراف والتقاليد الحميدة، إن أرقام هروب العمالة المخيف وواقعها المعاش السيئ تجعل موقفي من هذه القضية أمراً واقعياً وصلباً، ومن هذا المنطلق آمل تفعيل قيم العقل والمنطق والثقافة والوطنية مقابل قيم الجهل والطمع والأنانية والتفرد والجحود والنكران لنبدأ عندها مرحلة الفهم والمشاركة وبناء الوطن وفق طاقات جبارة ومهارات فائقة ووطنية عالية وعقول نيرة لها إضاءات نافعة غير فارغة ولا منكمشة وليس بها عطن أو خلل أو قصور.
ramadanalanezi@hotmail.com