حين بدأت بوادر إشاعة نقص المخزون في سوق الشعير من لدن التجار، تدافع مربو الماشية على الشراء دون تفكير؛ خوفاً من انعدامه من الأسواق برغم تطمينات وزارة التجارة بتوفره، وتحديدها أسعاره.
ولقد وصلت الأوضاع في السوق المحلية لمرحلة سيئة للغاية حيث تواصلت مشاهد طوابير السيارات في عدة مناطق للحصول على الشعير، وشهدت الأسواق ازدحاماً شديداً للظفر بالحصة المقررة لمربي المواشي وهي ما بين خمسة أكياس إلى عشرة كحد أقصى؛ نتيجة لإشاعة انعدام وجوده خلال هذه الأيام بالأسواق. بينما نشطت سوق سوداء متمثِّلة ببيع جزء من الحصة التي يحظى بها المشتري بالسعر الرسمي وبيعها بسعر أعلى خارج نطاق السوق!! ويلجأ هؤلاء لتكرار الصرف باستغلال أسماء الأقارب والمعارف للحصول على الحصة المقررة لانعدام التنظيم وشيوع الفوضى والارتجالية أثناء التوزيع.
وعادة ينجم عن الشح الكبير في المعروض تنامي السوق السوداء، ناهيك عن التفاوت الكبير بين أسعاره خارج المنافذ الرسمية، وهو ما يشير إلى تلاعب التجار بالأسواق مستغلين ضعف رقابة المسؤولين، مما أجبر المستفيدين على التوافد إلى نقاط التوزيع منذ ساعات الفجر الأولى، أو النوم في العراء للاصطفاف في طوابير طويلة تصل لعدة كيلو مترات، للحصول على عدد محدود من الأكياس بسبب شح الشعير!
والمزعج في الأمر لجوء بعض مربي المواشي لبدائل أخرى كالقمح، وهو ما ينذر بخطورة كبيرة منها: نفاد الدقيق وانعكاس ذلك على المستهلكين، فضلاً عن بوادر في ارتفاع أسعار المواشي وهي خطورة أخرى! وفي حين طال أمر أزمة الشعير وتجاوزت ذلك وتحولت إلى معضلة بامتدادها لأربع سنوات تخللها انقطاع للشعير بدون مبررات وارتفاع لأسعاره؛ فإن الناظر في حالنا، يرى أننا نوجد الأزمات ونخلقها ونصرُّ على حلها بصورة مكررة برغم وجود حلول أخرى!! فبلادنا حفظها الله في غالبها منطقة صحراوية وقليلة الأمطار وغير مهيأة إطلاقاً لتربية المواشي التي هي قائمة أصلاً على جهود العمالة الإفريقية على وجه التحديد عن طريق التستر!
لذا يكون من المجدي شروع رجال الأعمال باستئجار أراضٍ صالحة لزراعة الشعير في بعض دول إفريقيا نظراً لوفرة المياه، والأيدي العاملة الرخيصة، وقربها جغرافياً، وعلى إثر ذلك تُنشأ شركات وطنية لتربية المواشي المخصصة للأكل بإشراف ومتابعة من أبنائنا الشباب، وبالتالي يصدِّرون لبلادنا الأغنام المناسبة سواء المعدَّة للذبح والأضاحي، أو شحن اللحوم صافية حسب المواصفات والنوعيات، والمستوى الاقتصادي للسكان! ويحسن دعم تلك الشركات الوطنية من لدن الحكومة بدلاً من دعم الشعير.
وفي ذلك الإجراء تقليل لتواجد العمالة، وقضاء على ظاهرة (شبوك المواشي) تحت لهيب الشمس الحارقة بلا مرعى، ولا طقس مناسب لتربيتها.
وإنهاء لقضية نقص الشعير التي ظلت عالقة دون حلول مناسبة وحاسمة! يبدو أن الغنم بدأ يشارك المواطن أزماته الغذائية، ونأمل أن يجنبه الله أزمات السكن والبطالة وتربية الأبناء!
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net