لقد مضى على تأسيس هذه المدرسة سبعون عاماً من التربية والتعليم، وتعاقب عليها رجال أكفاء مخلصون بذلوا لهذه الرسالة ذوب أنفسهم وعصارة خبراتهم، وان الوفاء والعرفان سنة حميدة، ويأتي ذلك اعترافا لأهل الفضل بفضلهم وتكريماً لهم على ما أسدوه لمجتمعنا في ظروف كان يعز فيها العطاء وتقف فيها النفس عن طلب الجزاء، وأن الحديث عن الماضي ينطوي على جملة من المعاني أولها شكر الله على ما وفق اليه ورد الجميل لأهله والاعتزاز به.
ويسرني أن أستعيد من ذكريات الطفولة تاريخ مدرسة تمثل بدايات التعليم النظامي في معظم مناطق بلدنا فقد أنشئت هذه المدرسة الابتدائية السعودية بالمجمعة سنة 1356هـ، وما زلنا نتذكر هذه المدرسة ببنائها الطيني الجميل الذي شيدته أيادي أبناء هذه المدينة ومن موادها وموجوداتها وطينها ورملها الذي كنا نفترشه فيها وسطحها الذي كنا نجلس على أرضه وخاصة في أيام الشتاء وقربة الماء المعلقة في دهاليز المبنى، وكنا ننعم بالهدوء وصفاء النفس وعفوية الحياة والتواصل والترابط وبساطة الحياة ومكارم الأخلاق بالرغم من شح الموارد والمرافق وسوء الحالة الصحية والغذائية وغير ذلك من صور الثالوث البغيض الفقر والجهل والمرض وهي حقائق عشناها وأصبحت اليوم تراثاً نعتز به ونراه مجسداً من خلال مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة. لقد تميزت مدينة المجمعة بسمات رائدة كلها مدعاة للفخر والاعتزاز فقد أنجبت العديد من العلماء والأدباء والشعراء والأطباء والمؤرخين والباحثين ورجال الأعمال الذين اسهموا في خدمة بلادنا المملكة العربية السعودية، وأن عطاء السنين لا يقاس بالبعد الزمني وكم يشعر الإنسان بالغبطة وهو يصور ضروباً من الذكريات التي طافت بالذهن عن أيام مرت عبر الطفولة والصبا فحفرت في أعماق النفس ألوانا من الصورالمتنوعة وفي تسجيلها إضاءة لمعالم الطريق للسائرين من الأجيال الصاعدة لمعرفة الأوضاع الاجتماعية والتربوية والاقتصادية التي كانت سائدة في الماضي وما هي عليه الآن من رقي وتقدم ونهضة وتطور ملموس يجب ان يدفعنا إلى المزيد من العمل والعطاء المتجدد مع المضي قدماً وابراز أهمية التربية والتعليم في حياة الأمم وبناء الأجيال ومنارة مضيئة للشباب مع المضي قدماً وإذا كان الرواد قد وضعوا أساساً مازلنا نسير على نهجه فإن ظروف العصر أضافت أعباء جديدة ومسؤوليات عديدة علينا أن نعيها ولقد انتشر التعليم اليوم في جميع أنحاء المملكة.