إحدى حسنات الربيع العربي أنها كشفت عن خفايا حياة القادة العرب الذين كانوا يحيطون أنفسهم بهالة من الغموض يعتقدون أنها ترفع من شأنهم لدى شعوبهم ويجعلهم مهابين من تلك الشعوب التي لا حول لها ولا قوة.
معمر القذافي نموذج صارخ لهؤلاء القادة، وفضائحه وسلوكه الغريب كان متداولاً قبل الربيع العربي، إلا أن أحداث الربيع وانشقاق رفاق الأمس كشف الكثير عن تصرفات (القائد)، وبالمناسبة فإن لقب القائد لا يجوز تداوله في ليبيا ولا حتى في خارج ليبيا من الليبيين، في إحدى زياراتي لتونس كنا في مجلس وحضر زميلي صحفي ليبي يحمل الجنسية السويسرية ويعيش متنقلاً بين تونس وبريطانيا وسويسرا، ولأنه يقود مؤسسة صحفية ليبية في الخارج ناديته (أهلاً بالقائد) وبدلاً من أن يبتسم.. تجهم واصفرّ وجهه وقال سريعاً: (القائد في طرابلس) وبعد انفضاض الجلسة، رجاني ألا أخاطبه بهذا القول مرة أخرى، إلا إذا أردت أن أفقده..!!
أما إصرار القائد القذافي على أن ينام تحت الخيام وأن يكون حرسه مقتصراً على النساء، فمرد ذلك حسب ما أكد لي جنرال جزائري يعمل في إحدى المنظمات الدولية، أن قارئة بخت (مشعوذة) ذكرت للقذافي بأن سقف أحد قصوره سينهار وأن أحد حراسه من الرجال سيزهق روحه بإطلاق رصاصة بعد سقوط سقف القصر عليه، ومن يومها استبدل القذافي حراسه من الرجال واختار فتيات لحراسته، وأخذ ينام تحت الخيام حتى خارج ليبيا يصطحب الخيمة حتى لا يسقط عليه سقف المنزل.
شخص كهذا ابتليت به ليبيا وشعبها وظل جاثماً على صدور أهلها أكثر من أربعة عقود من الزمن لا يزال يقاوم (خلعه) بعد أن حول ليبيا إلى ساحة حرب دموية، وشرد الليبيين حتى أن كثيراً منهم لا يجد خيمة يأوي إليها، أما القائد فلا يزال يحظى بحراسة من الحريم ويصر على المبيت في الخيم حتى في ظل اشتداد القصف الليلي والنهاري من قبل طائرات الحلف الأطلسي التي تتجنب تدمير (خيمة القذافي) لأن سيناريو استنزاف ثروة ليبيا لم تكتمل فصوله بعد.
jaser@al-jazirah.com.sa