كتب الأخ إبراهيم الوشمي في صفحة «وجهات نظر» من العدد 14155 من جريدة «الجزيرة» عن منطقة القصيم والسياحة الواعدة، وتحدث عن بعض المواقع الأثرية من جبال وغيرها، ومنها جبال خزاز التي تبعد عن محافظة الرس حوالي 57 كيلومتراً باتجاه الجنوب والذي استغلت بلدية مدينة دخنة جزءاً منه ليكون متنزهاً بزرع الأشجار فيه ووضع الشلالات والأشكال الجمالية وغيرها من المناظر الرائعة التي تسر الناظرين، وهو جهد تُشكر عليه البلدية في دخنة. ولأهمية السياحة في القصيم يجب أن تتضافر جهود الجميع في هذه المنطقة للاهتمام بكل ما من شأنه الرفع من مستوى السياحة في هذه المنطقة، ومن ذلك المحافظة على المواقع الأثرية والاهتمام ببقائها مدة طويلة من الزمن يتوارثها الأبناء جيلاً بعد جيل بترميمها وحراستها وتأمين كل ما يضمن سلامتها من الاندثار والزوال. ومن المحافظات التي يوجد فيها آثار كثيرة ومعالم جميلة ذات تاريخ عريق الرس التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، بل إنها موجودة قبل البعثة النبوية، إذ يقول عنها زهير بن أبي سلمي:
بكرن بكورا واستحرن بسحرة
فهن ووادي الرس كاليد في الفم
ويقول في بيت آخر من قصيدة له:
لمن طلل كالوحي عاف منزله
عفا الرس منه فالرسيس فعاقلة
والرس محافظة كبيرة لها تاريخها الحافل بالإنجازات والفخر والشجاعة والكرم، فقد شارك الكثير من أبنائها في توحيد المملكة، وعُرف عنهم كل خلق نبيل. ولقدمها وسجلها المملوء بكل ما يدل على عراقتها وأصالتها وشهامة أهلها وجد فيها الكثير من الآثار القديمة التي تحكي بطولات أبنائها ووطنيتهم المتأصلة في قلوبهم حباً ووفاء للمؤسس وأبنائه من بعده، ومن ذلك برج الشنانة، وملح الجريف، والخندق الذي حفره جنود إبراهيم باشا عندما جاء للرس غازياً وكان سبباً في هلاك من كان فيه من جنود، وحسو المروى، والجندل، ومقصورة باب الأمير، والمراغة، ومقبرة الشهداء، وآثار الجندلية، وآثار البطاح والرويضة وبهجة والرسيس، وعبيل الماء. لذا اهتم في الوقت الحاضر الكثير من أبنائها بتراث الآباء والأجداد وحرصوا على بناء متاحف فيها مقتنيات ثمينة تحكي تاريخ الرس ورجالاتها بل وغيرها من البلدان، وما كانوا عليه في السابق من شجاعة وكرم وخلق كريم. وسأذكر بعضهم للتمثيل لا الحصر، فقد بدأ الأستاذ علي بن محمد الغفيلي -رحمه الله- قبل عدة سنوات بجمع الآثار حتى أصبح لديه متحف كبير زاره الكثير من محبي التراث الشعبي الأصيل، وكذلك الأستاذ صالح بن محمد المزروع الذي أسس له متحفاً كبيراً فيه كل ما هو ثمين مما خلفه الآباء والأجداد من القطع الأثرية التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، وكذلك الأستاذ خالد بن محمد الجدعي الذي بنى بيده قلعة كبيرة من الطين على مساحة كبيرة وسماها (قلعة جدعية التراثية) التي تقع على طريق الجنوب من محافظة الرس على بعد 7 كيلومترات، هذه القلعة الرائعة بما تحتويه من آثار غالية الثمن والتي أصبحت معلماً من معالم المحافظة يقصدها الكثير من عشاق ومحبي التراث الأصيل العريق الذي يربطنا بالماضي وبتاريخ آبائنا وأجدادنا، وقد زرتها كما زارها غيري واكتحلت عيناي برؤية محتوياتها واستغربت كيف يوجد في مملكتنا مثل هذه القلعة ولا يُهتم بها من قبل الهيئة الوطنية للسياحة والتراث رغم أنها نادرة بتصميمها وما تضمه من قطع أثرية يرجع تاريخ بعضها إلى مئات السنين ويقدر عددها بأكثر من سبعة آلاف قطعة، ويكفي أنها من تصميم وتنفيذ صاحبها الذي بذل كل غال ونفيس من أجل أن تخرج بهذه الصورة الجميلة لتصبح من أهم المعالم الأثرية في المنطقة وهي بحق فخر للرس وأهله وللمنطقة برمتها ويتشرف صاحبها بكل من يرغب بزيارتها. وكل ما أتمناه أن يلتفت لها ويحافظ عليها، وكهو جميل لو قامت بلدية المحافظة بوضع لوحات إرشادية تدل على هذه القلعة. وما ذكرته آنفاً هي بعض آثار محافظتي الرس والتي من الممكن أن يستغل بعضها لتكون أماكن سياحية بتوفير الخدمات فيها. وهذا ما أردت إيضاحه عن بعض الآثار والمعالم في الرس عبر بوابة «الجزيرة».
صالح بن عبدالله الزرير التميمي
الرس - ص.ب 1200