الأستاذ رئيس تحرير صحيفة الجزيرة بعد التحية
شيء جميل أن يقرأ الإنسان، وأن يتصل بألوان المعرفة والثقافة في شتى الفنون والتوجهات.. لكن بشيء من الحذر والترقب، وأيضاً بشيء من الوعي والتعقل، وكذلك بشيء آخر من الرأي والنتيجة... ولعل من يقرأ هذه الأسطر المتواضعة يلحظ مفردتين متلازمتين (شيء ومن) حيث تعتبران وربما تعنيان مفهوماً واحداً، وهو ما سنجعله مادة التواصل مع صورته الأخرى (شيء من) تلك الزاوية المألوفة لدى الكثير من القراء في آخر صفحة من صحيفة الجزيرة، والتي يبحر من خلالها (عادة) الكاتب محمد آل الشيخ بزورقه الصغير آفاق الدنيا بسكونها وحراكها... وهذه المرة أوقف مخر عبابه عند مرفأ «الجزيرة» بتاريخ الخميس 21-7-1432هـ تحت عنوان «الكونفدرالية بين دول الخليج هي الحل». والحمد لله تعالى أنه لم يقع في الخلط والأدلجة وإمحاء الصورة الفاعلة.. دون معرفة اللون أو الشكل أو الاسم، مضافاً إلى ذلك الاضطراب في تحديد النتائج أو تخصيص الحقيقة إن وجدت... والمشكل هنا وغير واحد من المقالات أن الواقع فيها متشابك وأن الأمر على حد سواء فيما هو مناط بالهم السياسي أو متعلق بالرأي الفقهي والاجتماعي، والذي يقرأ بروية وهدوء (شيئاً من) هذه المقالة يخلص إلى أن المسار -الذي من المؤسف عليه - يتجه نحو الابتسار والتسرع والفكر الأحادي. وهذا ديدن بعض الكتاب في جعل المسيرة الحياتية بسلوك أهلها شكلاً ومضموناً تحت تصرف نظره وبإشارة من فكره.. لنأخذ مثلاً لوناً من طيف هذا المقال بعيداً عن التجاذب السياسي أو المكون المفضل له وهذا لا يظل على خط واحد، وأقرب شاهد ما اتخذه شاهداً في برناج واجة الصحافة على قناة العربية.. فالمتابع له من قبل ومن بعد يدرك ما للوضع السياسي من تأثير على شخصية الإنسان، وقس على ذلك الكثير من الشخصيات المألوفة... الأستاذ محمد آل شيخ لنبتعد عن أول المقال وعن آخره ونظل معك إلى هذا الاتحاد المشترك أو هذه المفردة التي لم يعطها «آل الشيخ» حقها من الوصف والتوضيح، وتركها هي بنفسها تذهب يمنة ويسرة تستاف عبق الفكرة من هذا وتشتم أريجها من ذاك، فتارة تذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتارة إلى الإمارات العربية المتحدة وأخرى إلى حلم التجسيد لواقع الدول العربية مع التخبط في أيهما الأصلح.. كما حصل بين عضوي مجلس الأمة الكويتي وليد الطبطبائي وفيصل الدويسان في برنامج تلفزيوني واحتدام النقاش بينهما في معرفة الفرق بين الكونفدرالية والفدرالية.. وماذا عله الخليج حالياً، والمتأمل له مستقبلاً .. انتهى البرنامج وبقيت القناعات هي ذاتها حتى ازداد عليهما آخر وهو الكاتب آل الشيخ في مقاربة الفكرة وإيصال المعنى، لكن مما يؤسف عليه أنه ترك جزئيات المقال تسبح في إرهاصات السياسة وتداعيات السلوك بين دولة وأخرى.
وربما هو يعلم والكل أيضاً إن وضعاً كهذا لا يخضع إلى التحليل الذهني أو الرأي النظري إنما هي حالة برغماتية تتغير حسب المصلحة المعطاة، فلربما خالفت جميع التوقعات حتى ولو تخصصت تلك التوقعات في هذا المجال.. اقرأ معي، وبعد ذلك اعتمد على حسك اليقظ ووعيك المتبصر ودعك مما قيل وقال.. الاتحاد الكونفدلالي: هو تجمع مجموعة من الدول المستقلة التي تفوض بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات بموجب اتفاق مسبق.. أو لنقل: اتحاد إداري لمؤسسة أو مشروع بنظام حكم لا مركزي وفيه تكون هناك دويلات صغيرة داخل هذه الدولة الكبيرة حيث يستطيع أن يبرم اتفاقيات بين عدة دول تهدف لتنظيم الأهداف المشتركة فيها.. ويتفق كل من سحب الدلاء على أنه شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية ووحدات حكومية. وهي مشتقة من اللاتينية وتعني الثقة.
وكلمة فيودوس وتعني الاتحاد، واتصالاً بذلك فهو نظام سياسي ضمن طابع دستوري يضمن تقسيم الحكم السياسي.
عليه.. ماذا تتوقع أن تكون عليه دول الخليج؟ فليس ببعيد أن يكون العنوان «الفيدرالية بين دول الخليج هي الحل» بدلاً من الكونفدرالية. فالذي يقرأ شيئاً من الوصف لحال المفردتين يصل إلى ذلك.. ولو كان مما يفترض هذا الحل فهل ينجح في ظل تلك المفارقات والتباينات التي تحيل جمع العددين بين واحد وواحد (1+1) إلى اثنين وأحياناً ثلاثة وأربعة. وكلا المسارين صحيحين فهذه من الممكن أن تجسد أحدهما أما أن تحيلهما إلى صفر أو تبقيهما ثابتين فهي لا تقبل حتى الفرض. الأستاذ آل الشيخ كان من الممكن ألا تفرق في الشأن السياسي وأن تبحث في مدلول العنوان وأن تعطي تجسيداً رائعاً لمن عناهم هذا الحل وأن تأتي بالسلبيات والإيجابيات وأن توضح الفرق بين كل دول المنطقة ذات الصلة وبالذات الخليجية و... وبعد ذلك يسألني إن كانت الكونفدرالية هي الحل أو الأخرى أو نظام آخر يكون محصلة هذين الاتجاهين.. لكن مع هذا الواقع ومع ما ذكرت انتهت مفردات المقال متوازناً ومتزامناً مع نهاية برنامج الضيفين العضوين في مجلس الأمة المذكورين آنفاً، ومع الأسف حتى هذا المقال المتواصل مع مقالك وخطه مشب النهاية دونما الوصول إلى حل يتفق أو يعارض... والسلام.
واصل عبدالله البوخضر - الأحساء