على كفالتي عامل زراعي منذ سبع عشرة سنة، وهو يتعامل مع أكثر من رئيس وآمر، هم أشقائي الأربعة، ومن بعدهم من ولد قبل وبعد قدوم العامل من الأبناء، ومع هذا لم يحدث طول هذه المدة أن حصل خلاف أو تذمّر من أي من الأطراف، ومع أنني لم أعان من مشكلات عمالية، فقد تناولت موضوع العمالة مرات عديدة عبر أكثر من صحيفة، وكان من بين ما طرحته من أفكار - عن إنشاء شركات عمالة - على الصيغة التي أخذت بها لائحة شركات الاستقدام وتنظيم استقدام العمالة للغير (المادة الخامسة من اللائحة) تقديم الخدمات للغير، أما فيما يتعلق بتنظيم استقدام العمالة للغير فلم يضف لدور مكاتب الاستقدام شيئاً إلا بتقنين الدور، والمهم في اللائحة هو تقديم الخدمة للغير بل هو الأهم من وجهة نظري - فقد تناولت فيما كتبت كيفية وآلية هذا الدور في مقال منشور أكثر من مرة، بيّنت فيه ضرورة إنشاء شركات توفير العمالة وفق الآلية التالية:
أولاً: رأس المال وقد أخذت به اللائحة بغض النظر عن حجم المبلغ، والضمان وهو الآخر أخذت به اللائحة.
ثانياً: أن تكون الشركات شركات تقديم العمالة للغير فقط، ولا تعمل كوسيط استقدام، بحيث تكون الشركات هي كفيلة العامل، لأن عمل الشركات كوسيط عمل فردي يقوم به أصحاب مكاتب الاستقدام.
ثالثاً: أن تمنح الشركات عدد يتراوح بين (5000 - 10000) تأشيرة وألاّ تقل نسبة أي مهنة (طبيب، بيطري، مهندس ... إلخ) عن 5% من مجموع عمالة الشركة.
رابعاً: أن توجد صيغة عقد العمل (اتفاقية تشغيل العامل) بين جميع الشركات وأصحاب العمل ويضمن واجبات العامل، ورب العمل تجاه العامل، وأجر العامل الواجب على صاحب العمل دفعه للشركة مضافاً إليه مبلغ أتعاب شركة تقديم العمالة، بحيث لا يزيد على راتب شهر واحد عن عقد لمدة سنة، أو نسبة الشهر من أجر العامل بقسمة الأجر على (12) شهراً في حال أن مدة العقد بين الشركة وصاحب العمل أقل من سنة.
خامساً: أن تلزم الشركات بإصدار بطاقة تعريف موحدة الصيغة والبيانات لكل عامل تتضمن المعلومات الرئيسية الشخصية، واسم الشركة الكفيلة، ورقم الإقامة ورخصة العمل ورقم الجواز ورب العمل والمدة المتفق عليها بين الشركة ورب العمل، موقعة ومختومة من الشركة تكون في حيازة العامل أينما وُجد في مواجهة الجهات المسئولة. وفي سبيل القضاء على ظاهرة التستر والهروب، اللائحة التي قرأتها تعاني من فجوة ظاهرة، إذ لم تتطرق للمقابل الذي تحصل عليه الشركة المقدمة الخدمة للغير، ولم تتطرق لكيفية بيان أجر العامل في أي مهنة مما يفتح باباً واسعاً لاستغلال الشركات لأصحاب العمل، قد يكون استغلالاً أكبر من استغلال ومغالاة مكاتب الاستقدام الحالية، كما أنني لم أقرأ في اللائحة ما يشير إلى محاولة معرفة مصادر دخل العمالة، والذي يعاني منه اليوم، من خلال إلزام الشركات بإيداع أجور العمال في حساباتهم بالبنوك، وفق الآليات المتعارف عليها والمعمول بها في الشركات والمؤسسات والدوائر الحكومية، باشتراط دفع أجور العمال من قبل صاحب العمل للشركة وليس للعامل لتقوم بإيداعها بانتظام.
الخبراء - القصيم