قرأت ما كتبه محمد الضويحي في العدد (14151) بعنوان (متى تنتهي معيقات ازدواج طريق الزلفي القصيم)، وسأسوق هنا فكرة لربط كل من الزلفي- الغاط - المجمعة مع القصيم ومكة. فقد قامت وزارة النقل مؤخراً بتصميم طريقين مهمين سريعين، هما أ/طريق (الجبيل-ينبع)، ب/ طريق (مكة - القصيم - حائل - الشمال).
هذان الطريقان سيشكلان محوراً يربط الساحل الشرقي بالغربي؛ حيث إن طريق (مكة - القصيم - حائل - الشمال) سيربط شمال شرق المملكة ووسطها (حائل - القصيم - جنوب منطقة المدينة المنورة - شمال غرب منطقة الرياض) مع مكة المكرمة، وكذلك جدة؛ فهو ليس فقط لخدمة قاصدي مكة بل طريق لخدمة الاقتصاد الوطني من خلال حركة النقل التجاري بين مكة المكرمة وميناء جدة ووسط المملكة وشمالها الشرقي.
هناك حلقة مفقودة بين هذين الطريقين، وهي الوصلة الواقعة ما بين تقاطع طريق الجبيل السريع مع طريق (الرياض - سدير - القصيم - المدينة) السريع وطريق (مكة - القصيم - حائل - الشمال) السريع، وكلا هذين الطريقين تم تصميمهما ولم يبدأ تنفيذهما، وفي حال تنفيذ هذه الوصلة فسيصبح لدينا طريقٌ مختصرٌ وسريعٌ يربط شرق المملكة بغربها وإن لم يكن على استقامة واحدة؛ حيث إن الطريق الأول هو طريق (الجبيل - الغاط - المدينة - ينبع) والطريق الثاني هو طريق (الجبيل - سدير - القصيم - مكة). وهذه الوصلة ستنتج لنا طريقين بدلاً من طريق واحد.
وتبرز أهمية هذه الوصلة في عدد من النقاط، أهمها:
1- من يقصد مكة المكرمة من أهالي سدير (المجمعة) أو الغاط وكذلك الزلفي لديه عدد من الخيارات غير المختصرة وغير المفضلة، هي:
أ/ الاتجاه عبر طريق (سدير - الرياض) السريع ثم الاتجاه عبر طريق (الرياض - الطائف)، ثم عبر طريق (الطائف - مكة)، الذي يسمى بطريق السيل، ويلاحظ في هذا الخيار عبور مدينة الرياض عبر طريقها الدائري المزدحم والغاص بالمركبات؛ ما يزيد من الزحام في الرياض ويؤخر زمن الرحلة بشكل كبير، ثم الاتجاه عبر طريق (الرياض-الطائف) ودخول مدينة الطائف ثم الاتجاه إلى الميقات (ميقات السيل) وذلك بطول إجمالي حوالي 1153كم بدءاً من (الغاط) حيث تقع على الطريق السريع، وتم اختيارها للمقارنة نظراً لوقوعها على الطريق مباشرة، والقادم من الزلفي يصل عبر طريق (الزلفي - الغاط)، وهذا لا شك طريق طويل يستغرق زمناً طويلاً في الرحلة، إضافة إلى ما ذكر من إعاقات في الدخول لكل من الرياض والطائف؛ وبالتالي إطالة زمن الرحلة.
ب/ الاتجاه عبر طريق (سدير- القصيم - المدينة) السريع ثم الاتجاه عبر طريق (المدينة - مكة المكرمة) السريع، ويبلغ طول هذا الطريق نحو (1010كم)، وهو طريق سريع، ولكنه يمر عبر طرق متردية الخدمات مثل طريق (القصيم - المدينة)، إضافة إلى طوله المقارب للطول السابق عبر (الرياض).
إضافة إلى بُعد الميقات (أبيار علي) عن مكة المكرمة، وازدحامه في كثير من المواسم، ومن هنا نلاحظ حكمة المشرع الإسلامي الذي حدد مواقيت لأهل كل جهة، فأهل نجد ميقاتهم السيل الكبير، وذات عرق وأهل اليمن ميقاتهم السعدية، وميقات ذات عرق الذي هو لأهل نجد يقع على الطريق الجاري تنفيذه حالياً، الذي يربط نجد مع مكة المكرمة، ومن الأفضل شرعاً وعقلاً وراحة للحاج والمعتمر أن يمر بميقاته المحدد له، وميقات (ذات عرق) هو أقرب المواقيت للقادمين من وسط نجد (الزلفي، الغاط، المجمعة) إضافة إلى القصيم، ومرورهم بهذا الميقات سيخفف الزحام على المواقيت الأخرى.
ج/ هناك خيار لطريق غير مزدوج وغير سريع يستخدمه معظم أهالي وسط نجد، وكذا القادمون من شمال شرق المملكة، وهو الطريق المار عبر مدينة شقراء ومدينة الدوادمي ومعظم أرياف وقرى وسط نجد؛ حيث إن هذا الطريق هو عبارة عن مجموعة من الطرق المفردة التي نفذت لربط المدن والقرى بعضها ببعض على فترات متفاوتة؛ فظهر طريقاً متعرجاً يتجه شمالاً ثم جنوباً وشرقاً ثم غرباً، واستُخدم لأغرض أخرى غير الربط بين مدينتين أو قريتين؛ حيث أصبح في مجموعه طريقاً رئيسياً يعبره القادمون من وسط نجد مثل الزلفي، المجمعة، الغاط، شقراء، الدوادمي، جلاجل، القرائن، القصب.
كما يستخدمه القادمون من شمال شرق المملكة للوصول إلى مكة المكرمة حيث ينتهي بهم الطريق في المجمعة فيكون خيارهم إما الاتجاه شمالاً إلى القصيم ثم الاتجاه إلى المدينة ثم مكة عبر طريق طويل أو الاستمرار عبر هذا الطريق المفرد والمتعرج والمرور بعدد من المدن والقرى في طريق خطر شهد حوادث مروعة نظراً لقدمه وتصميمه على شكل طريق زراعي، ولم يتم تصميمه ليصبح طريقاً دولياً سريعاً ينقل الحجاج والمعتمرين القادمين من دول الخليج والعراق وشمال شرق المملكة إلى مكة المكرمة، ويبلغ طول هذا الطريق نحو 931كم بدءاً من نقطة التقاء طريق حفر الباطن مع طريق (الرياض - المدينة) السريع.. ويبدو ظاهرياً أنه أقصر الخيارات، لكنه أطولها في زمن الرحلة؛ حيث إن هذا الطريق ذو اتجاهين غير منفصلين؛ ما يقلل سعته وطاقته الاستيعابية نظراً لانخفاض السرعة عليه ووجود مسار واحد فقط يغص بالشاحنات والناقلات، إضافة إلى العوائق (obstruction) المتمثلة في المنحدرات وحواجز العبارات والارتفاعات عن سطح الأرض..
ونظراً لأن كل هذه الخيارات غير مريحة وغير مناسبة في ظل تزايد حركة المرور وتصميم طرق سريعة ومزدوجة تخدم بشكل أساسي الحجاج والمعتمرين القادمين إلى مكة المكرمة فلا بد من التفكير في خيار آخر هو الحلقة المفقودة التي تحدثت عنها سابقاً، ربط الغاط والزلفي والمجمعة، مع طريق (مكة - القصيم - حائل) السريع الذي تم تصميمه وطرح المرحلة الأولى منه. قد يقول قائل إن المتجه إلى مكة المكرمة يسلك طريق (الرياض - المدينة) السريع وعند تقاطعه مع طريق مكة السريع يتجه إليه، ولكن هذا الخيار غير مختصر للقادمين من وسط نجد، خاصة من الغاط والزلفي والمجمعة؛ حيث إن طريق (الرياض - المدينة) يتجه شمالاً لمسافة تقرب من 100كم ثم يتجه غرباً منحرفاً إلى الشمال ثم يتجه جنوباً غربياً عبر الطريق الجاري تصميمه وتنفيذه حتى يوازي نقطة انطلاقه (شرقاً) من مدن الزلفي، الغاط، المجمعة، فلماذا لا يتم تنفيذ هذه الوصلة المفقودة وهي الاتجاه من نهاية طريق (الجبيل - ينبع) الذي تم تصميمه إلى أن يلتقي بأقرب نقطة على طريق (مكة السريع) وهي بطول حوالي 100 كم حيث إن المتجه من تقاطع (أم سدرة) إلى مكة المكرمة يجب أن يتجه إلى مكة عبر طريق (الرياض - المدينة) السريع ثم الاتجاه عبر طريق (مكة السريع) بطول نحو 791 كم، أما في حالة تنفيذ هذه الوصلة بطول نحو 100كم فستصبح المسافة نحو 690 كم. إن هذه الرحلة تختصر الطريق بنسبة 15% تقريباً، ولها من الميزات ما يأتي:
1- إضافة إلى اختصار الطريق إلى مكة بنسبة 15% ستصبح رديفاً مهماً لطريق (الرياض - المدينة)، الذي يشهد زحاماً هائلاً.
2- خدمة الحجاج والمعتمرين القادمين من حفر الباطن ودول شمال شرق المملكة وكذلك القادمون من المنطقة الشرقية (الجبيل وما حولها).
3- خدمة المتجهين إلى مكة من مدن وقرى جنوب القصيم، شمال الدوادمي وإقليم الوشم، وأرى أن تنطلق هذه الوصلة من نهاية طريق الجبيل مع طريق (الرياض - المدينة) بالقرب من الغاط، أو من تقاطع (أم سدرة) والاتجاه غرباً بين عنيزة والمذنب حتى الوصول إلى ما بين الرس ودخنة ثم الوصول إلى طريق (مكة السريع). إنها وصلة مهمة تنتظر التفاتاً من معالي وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري وإمارة منطقة الرياض ممثلة بأميرها المقدام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز المعروف بتفانيه الذي صعد بالرياض إلى مدينة فاضلة متكاملة تحلق في النجوم زهوراً، وتعلو تطوراً.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني