لم يعد ممكناً إخفاء الرغبات الدولية، وحتى الأطماع؛ فالدول دائماً تسعى إلى توسيع وتعظيم دورها دولياً وفي المجالات التي تعزز هذا الدور اقتصادياً وأمنياً واستراتيجياً، وكل ذلك يتم وفق ضوابط وأصول يجمع على الالتزام بها الجميع حتى أصبحت تلك الضوابط بمنزلة قواعد تُعَدّ أحد الأعراف الدولية، التي تعتمد على إتاحة الفرص لجميع الدول لضمان مصالحها بشرط ألا تتجاوز في ذلك مصالح الدول الأخرى.
هذا الالتزام وهذه الضوابط هي التي تُحِدّ من تنامي الصراعات بل تلغي ضرورة شن الحروب واندلاع المعارك نتيجة تصاعد رغبة إحدى الدول وتجاوزها مصالح الدول الأخرى؛ فتعمل أما على التوسع جغرافياً أو فرض نفوذها السياسي لتحقيق أطماع اقتصادية على أرضية جيوسياسية؛ وهو ما يدفعها لارتكاب أفعال تصل في أحيان كثيرة إلى مغامرات سياسية وأمنية تُعَدّ في محصلاتها النهائية عبثاً في أمن الدول واختراقاً لأوضاعها الداخلية.
ويظهر هذا بوضوح في إقليم الخليج العربي الذي لم تعد إيران تخفي أطماعها فيه، وتحاول أن تفرض مصالح ذات علاقة بأيديولوجية النظام الحاكم في طهران على حساب المصالح المشروعة للدول المجاورة، وهذا ما أوجد حالة من التوجس وحتى القلق في أقوال وأفعال هذا النظام الذي يرتكب بصورة متتابعة أفعالاً لا تُعبِّر عن مواقف طيبة، مثل الإصرار على القيام بمناورات عسكرية وبحرية استعراضية في المناطق المتاخمة للدول المجاورة، وإطلاق الصواريخ البالستية الهجومية التي لا تحتاج إليها إيران بوصفها دولة نامية تعاني شعوبها تدنياً في الخدمات الاقتصادية والمعيشية..
إن لإيران الحق بلعب أي دور ضمن الأدوار المتاحة في المنطقة، ولكن وفق الأعراف الدولية والسلوك السياسي والدبلوماسي القويم الذي يجب أن يأخذ في الاعتبار مصالح الدول المتشاركة في الإقليم الواحد. أما أن تلجأ إلى الاستفزاز واستعراض القوة فللآخرين أيضاً قدرة على تنمية وتفعيل القوة دفاعاً عن مصالحهم المشروعة.