يعتبر صقر الشاهين أسرع الطيور على وجه الكرة الأرضية... ولكن من الواضح أن هناك شيئاً يضاهي هذا الطائر في سرعته، على الأقل من وجهة نظر شريحة كبيرة من الموظفين، ألا وهو «الراتب الشهري»! حيث لا تخلو المجالس من الحديث عن مشكلة «طيران الراتب» وما يتبع ذلك من مشكلات الاقتراض من البنوك والاستدانة من فلان وعلان، وعمل الجمعيات بين الموظفين للحصول على «قرضٍ حسن» يفرح به المسكين شهراً ليتحسر بعده أشهراً... ولكن ما سبب هذه الظاهرة المتفشية؟ إن من أهم أسباب هذا العداء بين الموظف وراتبه الشهري - الذي لا يكاد يفرح به أياماً حتى يراه يحلق بعيداً عن جيبه - هو انعدام «ثقافة الادخار»، حيث من الملاحظ أن غالبية المجتمع « استهلاكي» من الدرجة الأولى؛ يقبل فيه الفرد على شراء سلع «كمالية» من باب المظاهر الخداعة والبرستيج الكاذب. وهذه الثقافة الاستهلاكية والإنفاق العشوائي غير المقنن أرغم الكثير إلى اللجوء إلى «القروض البنكية» كحل سهل وسريع للحصول على التمويل اللازم لشراء سيارة من النوع غالي الثمن أو السفر إلى دولة سياحية للنزهة والراحة، متناسياً حجم الفوائد التي تأخذها تلك البنوك مقابل إقراضه هذا المبلغ البسيط؛ حيث يصل حجم هذه القروض إلى مئات المليارات من الريالات! مما يحدو بهؤلاء المقترضين إلى الوقوع في فخ «إعادة هيكلة القروض» وهذا يعني تسديد مبالغ أكبر تستمر لسنوات أطول! ومن الأسباب كذلك ارتفاع مستوى التضخم في المحلي والعالمي بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف القوة الشرائية للريال السعودي؛ فالسلع التي كانت تساوي 10 ريالات أصبحت تساوي ضعف هذا المبلغ أو أكثر! وكل هذا يتم والمواطن يؤمل من «وزارة التجارة» و»حماية المستهلك» أن تكون أكثر تواجدا لمعرفة الزيادة الحقيقية والمفتعلة من التجار ليتم الإنصاف مابين البائع والمستهلك كما يجب الإشارة هنا إلى اللفتة الأبوية الحانية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بزيادة الرواتب والتي أدت إلى انتعاش المواطنين اقتصادياً ومساعدتهم على الإيفاء بمتطلبات الحياة المتزايدة. إضافة إلى دعم معظم السلع الاستهلاكية. إن من أهم الأسباب التي تساعد على «قصقصة ريش» الراتب لمنعه من الطيران سريعاً هو تنمية وعي الفرد بأهمية وضع «ميزانية شهرية» بالمصروفات الثابتة والطارئة، واستبدال عادة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» بعادة «القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود»... فلا أحديعرف ماذا يخبئ له المستقبل. هذا بالإضافة إلى محاولة استبدال السلع المكلِّفة بأخرى أقل كلفة وذات جودة مشابهة (فليس كل غالٍ ثمنه فيه!)... ومن المهم كذلك فتح «حساب ادخار» لإيداع جزء معلوم من الراتب، ويفضل أن يكون بطريقة «الاستقطاع الشهري» لكي لا تدع فرصة أمام نفسك التي قد تسول لك بتأجيل الادخار للشهر القادم! هذه كانت بعض الطرق التي قد تساعدك في «استئناس» راتبك ومنعه من الطيران، والمهم فيها أن لا تجعل منها حلاً مؤقتاً لمشاكلك المالية، بل اجعلها «أسلوب حياة»...
- شقراء
Homidy5@hotmail.com