|
الجزيرة - سعود الشيباني:
شرعت وزارة العدل في النظر في قضايا المتورطين والمتهمين في قضايا إرهابية بعد جهود متلاحقة من قبل الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية والتي أطاحت بعدة متورطين وإجهاض عدة عمليات إرهابية قبل تنفيذها وعلى هامش النظر في القضايا التي بدأت قبل شهرين ونظرت في لوائح (96) متهما بقضية ينبع الإرهابية وخلية الدندني التي استهدفت (3) مجمعات سكنية لقيت المحاكمات ردود أفعال إيجابية كان من أبرزها ما قاله المحامي أحمد الراشد في تصريح لـ«الجزيرة»، حيث قال: أنا أحد المحامين التي أوكلت لهم مهمة الترافع عن عدد من المتورطين بقضايا أمنية وحقيقة وجدنا تقديرا واحتراما منقطع النظير من القضاة وليس هذا بغريب فنحن لنا تجارب مع وزارة العدل على مدى سنين مضت وكذلك يجب أن نشيد بالدور الذي قدمته وزارة الداخلية في إنهاء ملفات المتهمين والمتورطين بقضايا الإرهاب وتحويلهم للقضاء الذي يعتبر الفيصل ومحل العدالة وإعطاء الناس حقوقهم دون مجاملة أو محاباة.
وكشف المحامي الراشد أن القضاء ضمن للمتهمين حقوقهم وسهل لهم توكيل المحامين إمام القضاة وعلى وجه من السرعة بهدف عدم تأخيرهم في عرض ملفات المتهمين والمتورطين بقضايا إرهابية، مؤكدا أن كثيرا من المتهمين لا يعرفون كيفية وآلية إجراءات المحاكمات مما يساهم في ضياع حقوق بعض الناس وكذلك ضياع الوقت عليهم، مشيرا إلى أن القضاة قاموا مشكورين بإبلاغ المتهمين عن آلية وكيفية مطالبتهم بأخذ حقوقهم دون بخس واضعين مخافة الله فوق كل اعتبار.
وبين الراشد أن القضاء السعودي ومن خلال انطلاقة محاكمة المتورطين بقضايا إرهابية كشف عن نزاهة وشفافية بدليل السماح للإعلاميين بحضور جلسات المحاكمة وأيضا مراعاة مشاعر من يطلب عدم تواجد الإعلاميين وهذا أكبر دليل على إعطاء كل متهم حقه وافيا. كاشفا إلى أن المحكمة دائما يتصلون على المحامين قبل موعد الجلسة وإبلاغنا بذلك مما حدا بالمحامين احترام هذه المواعيد وعدم التأخير في الوصول للمحكمة قبل انطلاق المحاكمة، كذلك إعطاء الوقت الكافي للنظر في لائحة التهم والرد عليها للدفاع عن المتهمين.
أما الكاتب الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين قائلا: دون أدنى شك فإن الاقتصاد لا يمكن أن يكتب له النمو والازدهار بمعزل عن توفر الأمن والاستقرار السياسي. وبذلك يمكن الجزم بأن العمليات الإرهابية هي العدو الأول للاقتصاد، وللاستثمارات الأجنبية التي تبحث دائما عن الاستقرار الأمني والسياسي لضمان استثماراتهم المالية. مبينا أن العمليات الإرهابية أثرت في بداياتها على الإستثمارات الأجنبية.
وقال البوعينين: إن العمليات الإرهابية حملت ميزانية الدولة الكثير من النفقات التي وجهت لمكافحة الإرهاب في الوقت الذي كان من الممكن إعادة استثمارها في بناء الإنسان والمكان، مشيرا إلى أن العمليات الاستباقية التي نفذتها الجهات الأمنية كان لها الدور الأكبر، بعد الله سبحانه وتعالى، في تجاوز الاقتصاد السعودي أكبر الأزمات المتوقع حدوثها بسبب الأعمال التخريبية، على أساس أن العمليات الإرهابية التي أحبطها رجال الأمن، كانت تستهدف قطاع النفط العصب الرئيس للاقتصاد السعودي.
وقال البوعينين: أجزم بأن أهم أهداف الإرهابيين الرئيسة هو تدمير الاقتصاد السعودي، على أساس أن الاقتصاد هو القاسم المشترك لجميع المواطنين والمقيمين في المملكة، ومن خلاله يمكن استهداف المجتمع بأسره.
وبين الكاتب الاقتصادي أن من أعظم الآثار الاقتصادية المتوقعة أيضا انخفاض الإيرادات المالية السعودية التي تعتمد على صادرات النفط. وانخفاض الإيرادات يعني انخفاضا حاداً في المصروفات الحكومية ما قد تتأثر معه مشروعات التنمية، كما أن تفجير المجمعات النفطية يعني تدمير البنية التحتية ذات العلاقة بصناعة النفط في المواقع المستهدفة ما يعني تحمل ميزانيات ضخمة غير مجدولة سوف توجه لإعادة بناء ما دمرته يد الإرهاب.
وفي السياق نفسه أكد إستاذ القانون الجنائي بكلية الملك فهد الأمنية الدكتور علي بن عبدالرحمن الدعيج قائلا: تصدرت وسائل الإعلام خلال الشهرين الماضيين أخبار محاكمة عدد من المتهمين في قضايا إرهابية نالت من أمن واستقرار هذا البلد الآمن، وأكد وزير العدل بأنه لن تكون للمحاكمة قوانين استثنائية، كما أنه لن يكون لها درجة تقاضي أقل أو أعلى، موضحاً أنها مجرد مكان مخصص لمحاكمة المتهمين على خلفية المساس بالأمن في ظل صعوبة محاكمتهم مع أشخاص مطلوبين في قضايا تجارية أو عمالية في زمن التخصص، مشيراً الى أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وأن المتهمين قد منحوا وقتاً طويلاً للتعبير عن رأيهم.
وأضاف: يجب أن نشير إلى أمور عدة ذات طابع قانوني لها علاقة بتلك المحاكمات، منها: استمرارية تمسك الدولة بمبدأ استقلال القضاء لتشيد بدلا من الأنظمة الشمولية مؤسسات القانون، فأصبحت العدالة صِنوّ القضاء المستقل الذي اقترن بها، وعند التأمل في النظام الدستوري والقانوني لأي دولة في العالم المتحضر، نجدها تجتمع وتلتئم على مبدأ « استقلال القضاء «، وتتباهى به، حيث أضحى مبدأً دستورياً وحقاً أصيلاً يرتبط بحماية حقوق الإنسان، حتى الدول ذات الأنظمة الشمولية.
وقال الدكتور الدعيج لقد نص نظام القضاء الجديد على الكثير من الضمانات لاستقلالية السلطة القضائية وفصلها عن بقية السلطات الثلاث. حيث نصت المادة الأولى من نظام القضاء الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78 وتاريخ 19-9-1428هـ على أن: (القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في القضاء.
والسلطات الثلاث المكونة للدولة هي: السلطة التشريعية (مجلس الشورى)، والسلطة التنفيذية (مجلس الوزراء)، والسلطة القضائية (مجلس القضاء)، ومن المعروف أن السلطة القضائية في العالم تعتبر «عِرض الدولة»، ناهيك عن كون القضاء لدينا مناراً بالشريعة الإسلامية الغراء. وبين الدكتور الدعيج إن الفصل بين السلطات الثلاث يعتبر مبدأ معروفا لتحقيق مناط «الاستقلالية»، وهذا هو المسلَّم به والمستقر لدى جميع القانونيين في العالم، والكيان الجامع هو «الدولة» كوعاء لجميع السلطات الثلاث، لذا نجد بأن رئيسَيْ مجلسَيْ القضاء والشورى يعودان لرئيس الدولة مباشرة تعزيزاً للفصل بين السلطات، وعليه فلا يسوغ قبول رأي غير المتخصصين في القانون أو غير المتجردين للحياد والموضوعية.
وأضاف الدكتور الدعيج: إن محاكمة المتهمين بالإرهاب أمام محاكم جنائية والنظر في قضايا عدد من المتهمين بالتورط في حوادث التفجيرات الإرهابية، التي شهدتها المملكة، خلال السنوات الماضية، بعد انتهاء هيئة التحقيق والادعاء العام من لوائح الادعاء على الموقوفين في تلك القضايا الإرهابية، يعد خطوة رائدة لقطع دابر الفساد في الأرض وللتصدي للإرهاب.
وقال: إن خادم الحرمين في أكثر من لقاء أكد بأن الدولة وبصدر رحب ترحب بكل من يسلم «نفسه من الفئة الضالة»، مشيرا إلى أن المساواة في ممارسة حق التقاضي تعتبر أهم وأخطر تطبيق لمبدأ المساواة، ذلك المبدأ الأساسي من المبادئ العامة للقانون الذي يعتبر حجر الزاوية للقانون العام.
وأضاف الدكتور الدعيج: إن قواعد المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية في المملكة مدافعة عن مبدأ تحقيق العدالة والمساواة بين المتقاضين دون الخروج عن قواعد الشريعة الإسلامية.
وقال: أن المملكة تحتل مكانة متميزة بين جميع الدول سواء الدول العربية أو الإسلامية أو الدول الأخرى، وهذه المكانة جعلت الكثيرين يرونها ذات تأثير على مجريات الأمور والقرارات السياسية والاقتصادية العالمية، ومن هذا المنطلق كان للمملكة دور بارز وريادي في المحافل الدولية من خلال مشاركتها وانضمامها في المنظمات الإقليمية والإسلامية والدولية، بل وكثير من الأحيان تكون هي الداعية إلى إنشاء هذه المنظمات وعلى وجه الخصوص الإقليمية منها، ويلاحظ أن المملكة تضم عددا كبيرا من مقار هذه المنظمات ولقد كان للإعلان عن البدء في محاكمة المتهمين في القضايا الإرهابية صدى واسع على المستوى العالمي.
وبين أن أغلب ردود الأفعال الدولية تؤكد مصداقية المملكة وشفافيتها في التصدي للإرهاب وأنه جاء في الوقت المناسب لإطلاع الرأي العام الداخلي والخارجي على الجهود المبذولة من قبل الأجهزة الأمنية وقدرتها على مواجهة الخارجين عن النظام «الإرهابيين».
وأشادوا بأن قرار محاكمتهم يعكس الشفافية المطلقة التي انتهجتها وزارة الداخلية في المملكة لإطلاع الجميع على نتائج التحقيقات التي توصلت إليها أجهزتها الأمنية، لافتاً إلى أن محاكمات الإرهابيين خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح وخطوة كان الجميع ينتظرها، مؤكدين أنها ستحق الحق والعدالة التي يتصف بها القضاء السعودي، مشيراً إلى أن المحاكمة وسيلة مهمة تؤكد مصداقية المملكة وشفافيتها في التصدي للإرهاب الذي حاول على مدى خمس سنوات زعزعة استقرارها بلا جدوى في ظل تكاتف أبناء الوطن والإستراتيجية الوقائية التي طبقتها الأجهزة الأمنية من خلال الضربات الاستباقية.
وقال: اعتادت المملكة من حين لآخر على تبصير مواطنيها بأدق الأمور خاصة إذا ما تعلق الأمر بالنواحي الأمنية أو بالأصح ما يتصل بإحكام السيطرة على الفئة الضالة وإعلان ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية تجاه هذه الفئة الضالة وهو أمر يبعث على الطمأنينة ويشيع روح الأمان والسكينة بين ربوع الوطن وأبنائه ولعل ما حمله تصريح الأمير نايف بن عبد العزيز يأتي في سياق تأكيد هذا النهج الذي انتهجته المملكة ويعكس اهتمام المملكة بتكريس جهدها لمحاربة هذه الفئة الباغية، كما أن ذوي الضحايا والرأي العام ينتظرون ما ستسفر عنه المحاكمة، مؤكدين ثقتهم في نزاهة القضاء وكفاءته.
أما المستشار الإعلامي – عضو هيئة التدريس بمعهد الإدارة العامة الدكتور حمد بن إبراهيم المنيف فقال: لقد دأب الإعلام الغربي على أن يصور المملكة وكأنها لا تقيم وزناً للقوانين والمواثيق المنظمة لحقوق الإنسان، وجميعنا لا نزال نذكر الحملات الإعلامية المغرضة والمشبوهة التي كانت تطلقها بعض الأبواق الأجنبية ضد بلادنا، رغم أن المملكة تسير منذ تأسيسها على يد الموحد الباني الملك عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- وفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي أعلى من قدر الإنسان وحفظ له حقه في الحياة الحرة الكريمة، وهو النهج الذي سار عليه أبناء الملك المؤسس البررة الذين تولوا حكم هذه البلاد، وكان غرض حملاتهم المسعورة وأبواقهم المأجورة محاربة تجربة المملكة التنموية والحضارية، والوقوف في وجه النجاح الذي حققه النموذج الإسلامي السعودي في بناء الدولة الحديثة، وكان نتيجة ذلك أن شاعت صورة ذهنية ظالمة عن المملكة، وقد ساعد على ذلك قصور الأداء الإعلامي آنذاك، وضعف تأثيره، وعدم قدرته على نقل الصورة الحقيقية لما تشهده المملكة من إنجازات حضارية وتجارب إنسانية على أرض الواقع، وكذلك التصدي للحملات الأجنبية المغرضة التي تحاول أن تلصق بنا ما ليس فينا، من هنا تأتي الانعكاسات الإيجابية التي أفرزتها المحاكمات الأخيرة لبعض المتهمين والمتورطين في قضايا إرهابية، فقد أكدت علنية هذه المحاكمات من خلال حضور وسائل الإعلام المتنوعة والأضواء التي تصاحب انعقاد جلساتها، الشفافية التي تتعامل بها الدولة مع المواطنين، وحرصها الكامل على كفالة حق كل مواطن في أن يلقى محاكمة عادلة، وأن يكون الحكم، أياً كان، مستوفياً لمعايير العدالة والحقيقة وكرامة الإنسان، ورغم أن ذلك هو ديدن المملكة منذ توحيدها قبل نحو ثمانين عاماً، إلا أن إلقاء الضوء عليه وتفاعل المواطنين معه هو ثمرة التقدم الإعلامي الهائل، والانتشار المعرفي المتسارع الذي يشهده عالم اليوم ما أسهم بشكل إيجابي في تصحيح الصورة النمطية التي أشاعوها في الخارج عن المملكة، ومكنها من أن تتبوأ مكانها الحقيقي في طليعة دول العالم الحريصة على تبني قيم العدالة والمساواة، واحترام حقوق الإنسان.