الطائف - خاص - بـ»الجزيرة»:
أكد فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد «عضو المحكمة العليا» على أهمية الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج لتهيئة الشباب والفتيات لتحمل مسؤوليات الزواج. وأشار الحميد إلى ارتفاع نسبة الطلاق إلى 30%، وقال: إن هذه النسبة مقلقة ولابد من دراستها شرعياً واجتماعياً ونفسياً، والعمل على الحد منها. ونصح عضو المحكمة العليا المقبلين على الزواج بتقوى الله واحتواء أي مشكلات تعترضهم وهم في مقتبل حياتهم الزوجية. جاء ذلك في حوار مع (الجزيرة) وفيما يلي نصه:
الكثيرون لا يعرفون أحكام الطلاق ولا مدى مشروعيتها في الكتاب والسنة، كيف نوضح لهم هذا الأمر؟
- الطلاق يتطرق إليه الأحكام الخمسة فقد يكون مباحاً وقد يكون مكروهاً وقد يكون واجباً وقد يكون مندوباً وقد يكون محرماً على ما هو مفصل في موضعه لدى الفقهاء، لكنه على العموم ثابت في الكتاب والسنة وعليه العمل في حياة الناس، فكما شرع الله النكاح شرع الله الطلاق، قال تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (229) سورة البقرة.
وكيف يقع الطلاق، هل هناك ضوابط وإجراءات قبل أن يطلق الرجل زوجته؟
- صفة إيقاع طلاق السنة إذا عزم عليه واستخار الله بعد أن يصلي ركعتين ويدعو بدعاء الاستخارة ويستشير.. السنة إذا كان قد دخل بها أن يطلقها طلقة واحدة في طهر لم يحصل بينهما قبل إيقاعه جماع, لأن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (1) سورة الطلاق.
ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع نقل هل يتحدث الكثيرون أنها صارت ظاهرة؟
- المتأمل لواقع الناس وواقع المجتمع يلمس ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع, بدليل ما تصدره وزارة العدل من إحصائيات قد تصل في بعض المناطق إلى أكثر من ثلاثين بالمائة مقارنة في عدد ما يُعقد عليهن في الفترة نفسها، وهذا أمر يقلق علماء الاجتماع والمهتمين بشؤون الأسرة، إذاً نستطيع أن نقول أنها ظاهرة ملموسة.
لماذا كثرت حالات الطلاق اليوم؟
- أما أسباب كثرة الطلاق فيعود في الدرجة الأولى إلى قلة خبرة الزوجين للحياة والجهل في أحكام الشرع.. وإلى ما استجد من أمور دخلت في الحياة الزوجية من وسائل اتصالات وترفيه وعدم التخلق بخلق الصبر، والاحتساب وإلى كل ما بنى كل زوج من الشباب في ذهنه من حياة نرجسية ليس لها في واقع الحياة من نصيب. إضافة إلى أسباب أخرى كالضغوط المالية وتدخل الأسرة وبخاصة الأمهات أم الزوج وأم الزوجة. ولذلك نجد أن السرعة في وقوع الطلاق يكثر في حديثي الزواج والذين لم يمض على زواجهم أشهر.
وتلافي وقوع الطلاق يحتاج إلى تضافر مؤسسات المجتمع الأسرية والاجتماعية وإلى توعية الزوجين من قبل الأم والأب وعدم تدخل الوالدين أو أحدهما في حياة الزوجين.
الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج هل تعتقدون أنها تساهم في الحد من الطلاق؟
- إن الدورات التأهيلية للمقدمين على الزواج لها أثر إيجابي ملموس في انخفاض نسبة الطلاق وفي رفع معدلات نجاح الزواج وفي بناء الأسرة المسلمة السعيدة.. وبعض الدول الإسلامية كماليزيا وغيرها تجربة ناجحة في هذا الباب فقبل أن يقدم الشاب على الزواج والارتباط يشترط تجاوز الدورة التأهيلية للزواج، ولبعض المدربين السعوديين تجربة في هذا الموضوع في عقد دورات تأهيلية لراغبي الزواج وللمتزوجين حديثاً. أتمنى وبمنظور اجتماعي أن يُطرح هذا الموضوع في مجلس الشورى لعله يستصدر قراراً غير إلزامي لعقد دورات في مناطق المملكة لراغبي الزواج يشارك فيه دعاة متخصصون وغيرهم من المدربين لرفع المستوى التأهيلي للشباب والشابات لكي نعمل ونسعى لتخفيف ظاهرة الطلاق، ولإنجاح الحياة الزوجية إنني أجزم.. لو طبق هذا سوف يكون له الأثر الإيجابي القريب والبعيد ليس في تقليل نسبة الطلاق بل يتعدى ذلك إلى وجود أسر سعيدة منتجة.. يتدرج فيها أبناء لا يحملون العقد النفسية ولا بذور الجريمة ولا الفشل الدراسي.
ماذا تقولون للمقبلين على الزواج؟
- وصيتي الأخيرة لكل زوجين وكذلك للمقدمين على الزواج من الجنسين فأوجزها بما يلي:
أولاً: لابد من فقه الحياة الزوجية ولا يكتفي بما أستحصل عليه من معلومات من الأسرة أو من الأصدقاء قد تكون شحيحة بما يُحيط به.
ثانياً: الحرص على المشاركة في أي دورة ولو ليوم واحد لكيفية حل المشكلات الزوجية التي قد يتعرض لها في مشواره الزوجي.
ثالثاً: لابد من توطين النفس على أن الحياة الزوجية ليست كلها ورداً بل هي ورد وشوك وخلاف ووفاق والحصيف من يستطيع أن يسير بهذه الدفة إلى النجاح.
رابعاً: التحلي بالصبر وتغليب العقل على العاطفة وإذا حصل خصام ونزاع فلا يطيش به جهلة أن يماري زوجته وأن يرد الكلمة بالكلمة بل عليه بالصمت حتى تهدأ ثورة الغضب، وهذه الكلمات أيضاً أوصى بها الزوجة! وصدق النبي صلى الله علية وسلم لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضى خلقاً آخر.. أتمنى لكل زوج حياة ملئها السعادة والتوفيق والسداد.