بعد مخاض عسير قررت وزارة العمل إيقاف إصدار تأشيرات استقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا والفلبين بدءاً من يوم السبت الموافق 1-8-1432هـ. وجاء القرار الذي انتظرناه طويلاً احتجاجاً على شروط الاستقدام الخيالية وغير المنطقية التي أعلنتها الدولتان. مثل هذا القرار يفترض أن يكون جاهزاً لرفعه أمام أي دولة تحاول مساومتنا لأنهم مستفيدون من الاستقدام وخاسرون في حال إيقافه. أي دولة من دول الاستقدام تحاور وتناور وتزيد وتعيد في شروطها لو تمت مقاطعتها فوراً ستعيد النظر في سياساتها وتعاملاتها معنا. تصور أن دولة مثل إندونيسيا بلغت بها الجرأة أن فرضت شروطاً تعجيزية فيها تعد صارخ على خصوصيات الأسرة السعودية وأدق تفاصيلها، فمن ضمن هذه الشروط المضحكة طلب كروكي للمنزل الذي تعمل فيها الخادمة ومعلومات عن الأبناء وصور للكفيل وزوجته، ولم يبق إلا أن يفرضوا شروط المقابلة الشخصية واختباراً لقياس القدرات العقلية وكشف حساب من البنك واستثمارات الأسرة ومشاريعها المستقبلية ومصاريفها الشهرية وعلاقاتها الاجتماعية وحصر شامل للأقارب وسير ذاتية لكل فرد وكأن الخادمة الوافدة ستصنع لنا المعجزات.
إندونيسيا أكبر دولة تصدر العمالة المنزلية للمملكة وظلت مستفيدة طيلة السنوات الماضية من تحويلات عمالتها الضخمة رغم أنها تدفع لنا بعمالة معظمها رديئة ضعيفة التأهيل عانت منها العائلات السعودية الأمرين وبحسب تصريح السفير السعودي في إندونيسيا عبدالرحمن الخياط لصحيفة شمس فإن المملكة تحتل المرتبة الثانية في الخارج في استقدام العمالة الإندونيسية بعد ماليزيا، وقفزت أعدادهم لدينا من 100 ألف إلى 1,2 مليون ما يعني أن الخسارة عليهم ستكون فادحة والضربة قاصمة إذا ما علمنا أن هذه العمالة تحول شهرياً 24 مليون دولار وهو ما يقارب ثلاثمائة مليون سنوياً، أي أنها تحويلات تزيد عن المليار ريال.
إذا تجاوزنا حالات فردية حدثت في السنوات الماضية من بعض الكفلاء تجاه مكفوليهم الإندونيسيين وبالذات الخادمات وتم التعامل مع كل حالة على حدة فإن العمالة الإندونيسية قد حظيت طيلة الأعوام الماضية بحسن المعاملة وكرم الوفادة، والدليل الرغبة المتزايدة من تلك العمالة في تكرار التجربة أكثر من مرة وبقاء عاملات منزليات إندونيسيات لدى بعض العائلات سنوات طويلة قد تزيد عن العشر وحالة الرخاء التي جعلت الخادمة تحول سنوياً مبالغ كبيرة لأهلها. مقابل هذا تضرر بعض المواطنين من سوء تعامل الخادمات الإندونيسيات، ولن نعيد الكلام ونردده عن حالات السحر والقتل وتعذيب الأطفال والانتقام من أهاليهم بوضع سم الفئران في الحليب والدهس على رؤوس الأطفال وركلهم بعنف وحالات الهروب المستمرة للانضمام لشبكات دعارة أو اتجار بالخادمات لابتزاز المواطنين وتشغيلهن برواتب تتجاوز الألفي ريال في الشهر، عدا المعاناة التي تحملها المواطن عندما تسافر العمالة في إجازة لبلادها ومنحها تذكرة ذهاب وعودة وصرف كامل مستحقاتها بوعود العودة فلا تعود بعد أن غرمت الكفيل قيمة التأشيرة والتذاكر عدا المكافأة التي يحددها كرم الكفيل.
قرار في محله رغم أنه قد جاء متأخراً لكن لا بد من تطبيقه بصرامة والبحث عن بدائل أفضل ولكن بشروطنا نحن لا شروطهم، ومن لا يرغب الله معاه، فالمواطن الذي يدفع المبالغ الطائلة لا يطالب بأكثر من المقابل المناسب، لم يطلب عمالة ذهب عيار 24 وإنما عمالة مناسبة مدربة تجيد التعامل.
shlash2010@hotmail.com