يبدأ مجلس النواب اللبناني مناقشة البيان الوزاري لحكومة نجيب ميقاتي، الذي تقدمت به لنيل ثقة البرلمان.
ومع أنه من المفترض أن يكون البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة متضمناً برنامج عمل الحكومة والنهج الذي تسير عليه إلا أن بند كيفية التعامل مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، المخصصة لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري وصحبه، سيكون الأكثر تداولاً واهتماماً من قِبل المتابعين، خاصة أن اجتماع مجلس النواب وطلب الحكومة الثقة به جاء بعد إعلان القرار الاتهامي للمحكمة الدولية، الذي طال أربعة من كبار القادة الأمنيين لحزب الله، العمود الرئيسي للحكومة الجديدة، الذي يعتبره كثير من المراقبين اللبنانيين والعرب «عراب الحكومة».
ولهذا فقد رصد المراقبون والمتابعون ردود الفعل التي صدرت عن الأطراف ذات العلاقة، وبخاصة حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، المتهم الرئيسي في جريمة الاغتيال حسب مضمون القرار الاتهامي؛ فالأشخاص الذين ذكرهم القرار ليسوا بالأشخاص العاديين، وبخاصة مصطفى أمين بدر الدين، الذي تقول مصادر مطلعة إنه خلف عماد مغنية رئيس الجهاز العسكري والأمني في حزب الله. وبدر الدين هذا معروف عنه تخصصه في تنفيذ الاغتيالات والاشتراك في العمليات الإرهابية المركَّبة، وكان الساعد الأمين لعماد مغنية، وكان شريكاً له في محاولة اغتيال الأمير الراحل جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وكان معتقلاً في الكويت، إلا أن قوات الغزو العراقية أطلقت سراحه في صفقة مع النظام الإيراني؛ لذلك فإن هذا الشخص خاصة، وأيضاً الثلاثة الآخرون، ليسوا أسماء نكرة؛ ولهذا فإن نصر الله أمين حزب الله كان جازماً بأنه لن يُقبض عليهم، لا بعد 30 يوماً ولا 30 عاماً ولا حتى 300 عام.
تعجيز وتصعيد يؤكد أن حزب الله ليس فقط غير مستعد للتعامل مع المحكمة الدولية، بل يعمل لدفع الحكومة اللبنانية إلى عدم التعامل مع هذه المحكمة المحصنة بالبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ ولهذا فإن مناقشات النواب بيان الحكومة الجديدة ستُظهر مدى قدرة الحكومة الجديدة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه القرارات الدولية، وكيف تتعامل مع طلبات بتسليم قياديين لحزب مشارك في هذه الحكومة، بل ويُعَدّ «عرابها» وعمودها الفقري نتيجة تحالفاته مع الأغلبية الجديدة.
لهذا فإن المشهد السياسي يؤكد أن لبنان أمام وضع غير مسبوق في تاريخ الصراع بين الأطراف الأساسيين، ومن شأن هذا أن يعمق الانقسام، ويزيد من حالات الفرز، ويُقحم البلد في أزمة مفتوحة، تتداخل فيها التأثيرات الخارجية والداخلية في ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات وأحداث، وبخاصة على حدود لبنان؛ حيث ستؤثر الاحتجاجات التي تشهدها سوريا، وستنعكس على ما يجري في لبنان.