لم يجاوز الحقيقة السيد روبرت داروف، مساعد عميد بجامعة كيس ويسترن بالولايات المتحدة الأمريكية، عندما قال أمام حضور حفل الجمعية العمومية الثالث لمرضى الزهايمر قبل فترة: «إنني من هنا أدعو المجتمع الغربي للاستفادة من السعوديين في برهم بوالديهم».
كانت تلك الكلمات في ذلك المساء الخيري، بحضور نخبة من الناشطين في مجال الخدمة العامة، شهادة من خبير في حق مجتمعنا السعودي، التي تؤكد تجذر الخير في نفوس أبنائنا تجاه الآباء والأمهات عندما تأخذهم السنون نحو صحراء الخرف، أو بالأصح مرض الزهايمر، ولم ينافس تلك الكلمات جمالاً وحضوراً إلا اعتذار الأمير أحمد بن عبدالعزيز بأسلوبه المعروف عنه على الطريقة السعودية البسيطة عندما بادر الحضور الذي انتظره، معلناً اعتذاره وأسفه الكبير عما بدر منه من تأخر تلك الليلة لسبب خارج عن إرادته؛ وذلك لارتباطات سموه الرسمية؛ فتأملت روعة «الاعتذار» وما ينم عنه من تقدير مسؤول لكل شخص حضر تلك الليلة ملبياً دعوة الجمعية تأييداً ونشراً لثقافة التطوع عبر مؤسسات المجتمع المدني التي بدأت تُشكِّل مستقبل العمل الخيري السعودي المنظَّم، وفرحت بـ»الشهادة» التي أعلنها للحضور السيد روبرت في حق مجتمعي السعودي الذي أثبت للعالم أجمع بشهادة هذا العالِم أنه ما زال مجتمعاً طارداً لـ»الزهايمر» من خلال ألوان الألفة والمحبة التي تشكلها علاقة الأبناء بالآباء والأجداد في بانوراما من العلاقات الأسرية الدافئة التي تذكِّرنا بجذورنا الإسلامية النقية قبل أن تتغلغل المادة في مفاصل المجتمع وتذيب «الأسرة» خط الدفاع الأول في محاربة مرض «الزهايمر» وغيره من أمراض الشيخوخة.
أخيراً..
بين الشهادة والاعتذار مسافة للتأمل في نجاحات المسؤولين السعوديين ونظرتهم الإنسانية لأفراد المجتمع، التي تتناغم مع عصر «الخدمة المميزة» للمواطن السعودي، التي يتربع على عرشها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - ومسؤولو الدولة كافة، وتأمل آخر في طبيعة مجتمعنا الطاردة لأمراض الشيخوخة بسبب البنية التحتية الأخلاقية التي يجب أن نحافظ عليها من خلال مشاريعنا التربوية الهادفة لصناعة أجيال ترتبط بجذورها الأصيلة في مملكة الإنسانية.
sahem20@hotmail.com