كان مريضًا فأصبح صديقًا، مدرس اللغة العربية الذي يحدثني عن الأدب وأحدثه عن الطب، قال لي ذات مرة: لماذا لا تكتب عن الليزك وأخواتها؟ كما نكتب نحن اللغويين عن كان وأخواتها، ثم أضاف مداعبًا: كان تدخل على الجملة الاسمية فترفع المبتدأ وتنصب الخبر، أما ليزك وأخواتها فتدخل على العين فترفع النظارة وتنسف العدسات. راقت لي الفكرة كثيراً وقلت لنفسي: فعلاً نحن نتحدث كثيرا عن عمليات الليزك، ولكننا لم نعط بدائل الليزك حقها من الشرح والإيضاح.

لقد أصبحنا أمام جراحات انكسارية عدة تمكن المريض من تحقيق حلمه في التخلص من النظارات، ولسنا أمام جراحة وحيدة هي جراحة الليزك، صحيح أن الليزك هو الأكثر والأشهر في هذا المجال، إلا أنها لا تصلح للجميع.

وسنحاول خلال الأسطر التالية تقديم عرض موجز لأهم هذه البدائل:

ابتداء أود أن أؤكد أن اختيار هذه البدائل أمر حساس ودقيق ويحتاج لتفاهم متبادل بين الطبيب والمريض، ولكن سنحاول من خلال الرسم البياني المرفق أن نقدم خطوطا عريضة عن استخدامات كل بديل من هذه البدائل. وهناك أربع معلومات أو قُل أسئلة مهمة تحتاجها لمعرفة البديل المناسب لحالتك، هذه الأسئلة هي:

أ- التصوير الطوبوجرافي لقرنيتك سليم أم غير سليم؟

ب- ما هو نوع العيب الانكساري لديك قصر نظر أم طول نظر؟

ج- ما هو مقدار العيب الانكساري لديك بالدرجات؟

د- ما هي سماكة القرنية؟

إذا توافرت لديك هذه المعلومات فأنت تستطيع على وجه التقريب معرفة البديل المناسب لك الذي حصرناه فقط في هذا المقال بتسعة بدائل وهي:

1 - زراعة العدسات

2 - استبدال العدسة الطبيعية

3 - عمليات الليزر السطحي

4 - عمليات الليزك الشخصي

5 - العلاج الضوئي الكيميائي (الكروس لينكنج) Corneal-Cross Linking

6 - استخدام النظارات

7 - تركيب الحلقات

8 - العدسات الصلبة

9 - زراعة القرنية

هذا لا يمنع من وجود بدائل أخرى ولكنها أقل انتشارا وتركناها خشية الإطالة والتعقيد في العرض، وسنقدم ملخصًا عن كل بديل من البدائل المذكورة أعلاه.

زراعة العدسات

Phakic IOL

زراعة العدسات لتعويض قصر أو طول النظر حل قديم شهد الكثير من التطورات؛ ما جعله حلا لا يمكن تجاهله وبالذات لدى مرضى قصر النظر ذوي المقاسات الكبيرة، فمرضى قصر النظر في الغالب يتمتعون بحجرة أمامية للعين واسعة وعميقة؛ ما يجعل زراعة هذا النوع من العدسات مأمونا إلى حد كبير.

وهناك نوعان من العدسات أحدها يزرع في الحجرة الأمامية بواسطة خطافات تتمسك بأنسجة القزحية وتسمى عدسات (الأرتيزان Artisan)، وثانيها يزرع في الحجرة الخلفية للعين أمام العدسة الطبيعية Posterior Chambre IOL. والتقارير الطبية عن الأنواع الحديثة من العدسات أظهرت انخفاض نسبة المضاعفات مثل الماء الأبيض والماء الأزرق والتهابات القزحية مقارنة بالأنواع الأولى لهذه العدسات وهي رغم ارتفاع كلفتها فإنها حل من الحلول وبديل من البدائل، كما أسلفت لا يمكن تجاهله.

استبدال العدسة الطبيعية Clear lens extraction

إذا كان قصر النظر شديدًا أكثر من عشر درجات ومصحوبا ببدايات ماء أبيض أو إذا كان طول النظر شديداً أكثر من خمس درجات ومصحوبا بضيق في زاوية العين فإن خيار استبدال العدسة الطبيعية بعدسة صناعية ذات المقاس المناسب قد يكون هو الحل الأفضل.

والتطور في استخدام تقنية الأمواج الصوتية (الفيكو Phako) والتطور في أسلوب تركيب العدسات عن طريق ثنيها وإدخالها عبر فتحة متناهية الصغر جعل هذه الجراحات جراحات مأمونة خصوصا إذا تم أخذ كل الاحتياطات قبل إجراء العملية بما في ذلك فحص الشبكية والتأكد من عدم وجود تغيرات في أطراف الشبكية قد تسرع في انفصالها. أمر أخر دائما يتم مناقشته مع المرضى المقدمين على هذا النوع من العمليات هو مدى حاجتهم لنظارة قراءة بعد العملية وبعد زراعة عدسة صناعية أحادية البؤرة في مقابل زراعة عدسة صناعية متعددة البؤر.

عمليات الليزر السطحي Corneal Surface Treatment

إذا كنت تعاني من عيب انكساري قصر نظر مثلا وقرنيتك سليمة ولكنها رقيقة لا يمكن إجراء عملية ليزك لها. الحل ببساطة وبدون تردد هو إجراء عملية الليزر السطحي.

هناك أكثر من نوع من الليزر السطحي: الليسك (LASEK) والإبي ليزك (EPILAS IK) والبي آر كي (P.R.K) والفرق في النتائج بين هذه الأنواع الثلاثة طفيف جدا. هناك إشكالان رئيسان ارتبطا بهذا النوع من العمليات: الأول هو طول فترة النقاهة، حوالي أسبوع، التي تحتاجها العين مقارنة بعملية الليزك التي لا تحتاج أكثر من يوم واحد. أما الإشكال الثاني فهو احتمال حدوث سحابات (Corneal haze) لدى نسبة صغيرة من المرضى، وفيما عدا ذلك فإن العلاج السطحي بالليزر يظل هو الحل الأمثل للقرنية الرقيقة.

عمليات الليزك الشخصي Customized Lasik

هناك جدل لم يحسم بعد داخل الكيان الطبي أيهما الأنسب علاج جميع المرضى بالطريقة المطورة الليزك الشخصي أم علاج الأغلبية بالطريقة الاعتيادية (Conventional Lasik) واستخدام الطريقة المطورة للأشخاص المعرضين للمعاناة من الرؤية الليلية.

أنا شخصيا أميل للرأي الأول، أما الجدل الذي لم يحسم أيضا فهو في تعريف المقصود بكلمة مطور. شركة نايدك اليابانية تسمي علاجها المطور سيغمنتال (Segmental ablation) وشركة فيزكس الأمريكية تسميه كستم فيو (Custom view) وشركة اليقريتو الألمانية تسميه اوبتيمايزد (Optimized) والكل كما يقول الشاعر العربي يدعي وصلا بليلي. والتوصية التي يمكن أن نخرج بها هي أن تناقش مسألة العلاج المطور أو المخصوص أو المفصل أو البصمة أو الشخصي أو غيرها من المسميات مع طبيبك المعالج.

العلاج الضوئي الكيميائي (الكروس لينكنج)

Coreal Cross Linking

يعتبر هذا العلاج حديثاً نسبياً، وهو البديل الأنسب للقرنية المخروطية المبكرة التي يخشى من تفاقمها خصوصا إذا كانت مصحوبة بصغر في السن.

تتلخص فكرة العلاج في تشبيع أنسجة القرنية بمادة الريبوفلافين (Riboflavin) وذلك بتقطيرها كل دقيقتين لمدة نصف ساعة ثم تسليط الأشعة فوق بنفسجية (UV Light) لمدة نصف ساعة أخرى وينتج عن تفاعل المادة الكيميائية مع الأشعة تقوية الروابط بين أنسجة القرنية، وبالتالي يزداد تماسكها وصلابتها وتتوقف عن التحول إلى الشكل المخروطي. هذا النوع من العلاج ليس الهدف منه تخليص المريض من لبس النظارة وإنما إيقاف تدهور القرنية وتحولها إلى قرنية مخروطية متقدمة.

استخدام النظارات

يجب ألا ننسى أن النظارات حل مدهش مكن الملايين من رؤية العالم بوضوح، و أحيانا كما يقول الشاعر داوني بالتي كانت بها الداء أي أننا نعيد الهارب من أسر النظارات إلى كنفها مرة أخرى، فالمريض الذي يعاني من قرنية مخروطية مبكرة وغير متغيرة ربما يكون الحل الأمثل له هو الاستمرار في لبس النظارة، والمريض الذي يعاني من قصور البصر Presbyopia ويحتاج إلى نظارة قراءة بعد سن الأربعين ربما يكون حتى الآن والحل هو الاستمرار في لبس النظارة.

تركيب الحلقات

Intra Corneal Rings

بالرغم من أن الحلقات لا تغير من طبيعة أنسجة القرنية وبالتالي لا تعتبر علاجاً جذرياً لمشكلة القرنية إلا أن هناك شريحة محددة من المرضى يمكن أن تستفيد من هذا البديل وخصوصاً أن هناك توجهاً للجمع بين تركيب الحلقات والعلاج بتقنية الكروس لينكنق لنفس هذا النوع من الحالات.

العدسات الصلبة

Hard contact lenses

العدسات الصعبة وليست الصلبة كما يحب أن يسمها بعض المرضى.. تعاني هذه العدسات في بلادنا من نسبة إخفاق عالية؛ فهناك نسبة لا يستهان بها جربت العدسات ثم عجزت عن الاستمرار. أما المحظوظون الذين استطاعوا التعايش معها فإنهم قد يتمتعون برؤية صافية وحياة طبيعية، وقد تبقى العدسات الصلبة الحل الوحيد بالنسبة إليهم.

زراعة القرنية Keratoplast

آخر العلاج الكي، فعندما يتفاقم المرض ولا تستطيع الحلقات وقف تقدمه ويتعذر تركيب العدسات الصلبة وتصبح الرؤية منخفضة جدا بسبب العتامات تبقى زراعة القرنية الحل الأخير الذي نلجأ إليه مضطرين، فصعوبة الحصول على قرنية متبرع وطول فترة النقاهة بعد العملية تجعلان عمليات زراعة القرنية الحل الأخير للحالات المتقدمة، وختاماً آمل أن أكون قد عرجت بكم على أهم بدائل الليزك مع عيوب ومزايا كل بديل.

د. وليد الطويرقي

استشاري أول طب وجراحة العيون