|
أدار الندوة - محمد الخالدي
نظمت صحيفة «الجزيرة» ندوة عن برنامج كفالة، الذي تم إطلاقه لمساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الحصول على تمويل من البنوك، استضافت فيها مدير البرنامج بصندوق التنمية الصناعية محمد عبد المنعم حمودة، وعدد من الخبراء والمصرفيين، حيث استهل حمودة الندوة بشرح مبسط عن البرنامج بقوله: انطلق برنامج كفالة في العام 2006م، بعد أن واجهت كثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مشكلات في التمويل من البنوك المحلية، نتيجة لارتفاع نسبة المخاطرة، لذلك أنشئ برنامج كفالة من أجل تسهيل وتوفير الضمانات لهذه البنوك، وكان الدعم حوالي50% بحد أعلى مليون ريال وتم تعديله قبل سنتين بنسبة 75% أي مليون ونصف دعما للمنشآت الجديدة وفي شهر ربيع ثاني من عام 1432هـ اعتمد وزير المالية رفعه إلى 80% أي مليون وستمائة ألف ريال والشركات إلى خمسة ملايين ريال.
وتشكل نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 80 إلى 85% من المنشآت العاملة في المملكة لذلك فإن 35% من اقتصاد البلد يقوم على هذه المنشآت وفي بلدان أخرى يرتفع إلى 50 و60%.
وزارة المالية هي من تدعم برنامج كفالة
الدكتور محمد الهذلول أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود يقول: لا بد أن نسجل التقدير لوزارة المالية بدعمها لبرنامج كفالة نظرياً مشيراً إلى أن البنوك من المفترض أن لا تتقاعس عن الدعم لوجود برنامج كفالة، واستدرك الدكتور الهذلول: لكن العمل يحتاج إلى تخطيط ووجود ثقافة الاستثمار والإقتراض كما أن البرنامج يحتاج إلى تأهيل حتى ينجح - لو أخذنا مثال صندوق التنمية العقارية الذي واجه معضلة عدم التسديد - نتيجة انعدام تثقيف المستثمرين والمقترضين.
البنوك تحملت جزءا من إنشاء البرنامج
يقول عبد الرحمن النشوان مدير المصرفية التجارية في البنك العربي: لا شك أن البنوك مهتمة بنجاح برنامج كفالة لأن نجاح البرنامج يعني نجاحاً للبنوك حيث إنها شاركت وتحملت جزءً من إنشائه، كما أنها مولت المنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبلغ وصل إلى 2 مليار مقابل كفالات تقدر بـ802 مليون وهو ما يعني أن البنوك تعطي وتمول أكثر مما يغطيه البرنامج.
ويضيف النشوان: الخطورة في المنشآت الصغيرة عالية جدا فلو دخلت على سبيل المثال 100منشأة في أول سنة يخرج 50% منها من السوق وفقاً للدراسات، وفي السنة الثانية يخرج 20% من السوق وبعد السنة الثالثة تبدأ هذه المنشآت في الثبات ومن ثم تحوز ثقة الممول.
7 تحديات تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة
الاقتصادي الدكتور محمد الجديد يوضح أنه لا يوجد تعريفاً واضحاً في المملكة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولكن إذا أخذنا بتعريف البنك الدولي فسنجد أن المنشأة المتوسطة هي التي تكون مبيعاتها من 5 مليون إلى 50 مليون، والعاملين بها من 50 عاملاً إلى 200 عامل، أما إذا كانت مبيعاتها أقل من 100 ألف وعدد العاملين بها أقل من عاملين فهذه هي المؤسسات متناهية الصغر، ويتابع الدكتور الجديد: إذا نظرنا إلى واقع هذه المؤسسات ومدى مساهمتها في الاقتصاد السعودي فستكون الإجابة لا، والسبب كثرة التحديات ومنها 7 تحديات أولها وأهمها ليس التمويل ولكن الإجراءات الحكومية المتبعة للتعامل مع حصول هذه المؤسسات على عقود للمشاركة في عملية البنية التحتية.
ثم يأتي بعد ذلك التمويل في المرتبة الثانية يليها مشكلة تسويق منتجات هذه المؤسسات، ويكمن التحدي الرابع أمام هذه المؤسسات في عدم الحصول على العمالة المدربة ثم المعرفة الفنية والتي تتمثل في تواضع ثقافة تنمية العمل الاقتصادي سواء كان صناعياً أو تجارياً، وتأتي الإدارة والتنظيم والتي غالباً ما يكون المالك هو المدير والمشغل في المرتبة السادسة يليها صعوبة الحصول على البيانات اللازمة عن هذه المؤسسة لكي يتمكن الآخرين من الحكم على جدوى هذه المؤسسات.
من ناحيته يقول نائب رئيس أول المصرفية التجارية في بنك الرياض هشام العبدلي: هناك تفاعل بين البنوك وبرنامج كفالة من خلال مراحل التطور في الفترة الماضية، فبنك الرياض في بداية 2006م كان لديه 20عميلاً، والآن بلغ عددهم 250 عميلاً يتمتعون ببرنامج كفالة وبدأنا بـ 2مليون ريال ووصلنا الآن إلى200 مليون ريال، وهو ما يعني أن هناك نمواً.
وفي مداخلته قال طلعت حافظ أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعوديه: قصور وتقاعس البنوك قد يكون رأي الشارع لكن البنوك بدأت ولديها توجه في دعم المؤسسات وخصوصاً الصغيرة وبالأخص المشاريع الجديدة، ويضيف: وجدت البنوك أن توزيع المخاطر هو الأفضل، وفي ظل التحديات التي تواجه هذه المنشآت فالبنوك مسؤولة أيضاً عن حماية أموال المستثمرين والمودعين والمساهمين وبالتالي يجب أن توازن بين هذا النوع من العمل وبين الحماية للأموال.
ويوضح حافظ: من العوائق التي تواجه برنامج كفالة عدم وجود مرجعية أو مظلة تنظيمية وتشريعية فهو مشتت بين الغرف التجارية ومجلس الغرف ووزارة التجارة، بينما جميع الدول التي نجحت وارتقت بأداء هذا القطاع وعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية خصصت لها هيئة تعني بهذا القطاع تعرف باسم sba، وكذلك الحال في اليابان وغيرها، لذلك نحتاج في المملكة إلى هيئة تعنى بهذا القطاع.
البنوك ومشكلة إنشاء الطبقة المتوسطة
يعود الدكتور الهذلول بالحديث قائلاً: نواجه مشكلة في إنشاء طبقة متوسطة نتيجة تقاعس البنوك عن التمويل فأنا أعرف شخصاً لديه مؤسسة رفض البنك أن يفتح لها حساباً إلا إذا كان لديه ملايين فنحن نريد أن نخلق ميزة تنافسية ليست موجودة لدينا للأسف، وهي ليست ميزة موارد أو مواقع لكنها ميزة صناعة، ويقول الدكتور الهذلول: النقطة الأهم الآن من الذي سوف يبدأ؟ ربما برنامج كفالة قد يكون البداية (يجيب الدكتورالهذلول) لأنه في الغالب لا يوجد لدينا إلا متاجر ومحلات وليس مؤسسسات متوسطة وصغيرة.
ويوضح محمد عبد المنعم حمودة أن كفالة يتمثل دوره في التنسيق بين البنوك وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتوفير الإقراض فعدد الكفالات في 2007م كان50 كفالة، وصل إلى 270 كفالة في 2008وبلغت 290 كفالة رغم استمرار الأزمة المالية في 2009م وارتفعت إلى 504 كفالة وفي 2010 وصلنا إلى 777 كفالة لتمويل 1250 منشأة، وأضاف حمودة: لاحظنا أن البنوك بدأت تؤسس لإدارات خاصة بالمنشآت المتوسطة والصغيرة، وفي2010م بدأ البرنامج يتطرق إلى مشكلة تثقيف أصحاب المنشآت وعملنا دورات تثقيفية بالتعاون مع البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية في جميع أنحاء المملكة، وفي النصف الأخير من 2010م نظمنا 13 دورة تخرج منها 108 شابة و290 شاباً منها دورة مكثفة لثلاثة أيام تعنى بدراسة الجدوى وإدارة المنشآت والأهم تسويق المنشآت، كما أن البرنامج وقع اتفاقية مع المعهد المصرفي للتدريب، ونحاول حالياً الابتعاد عن المدن الثلاث الرئيسة ونخرج للمدن الصغيرة، وعلى وشك أن نوقع مع معهد آخر ونحن على نقاش مع معهد تطوير الأعمال الأردني وهو يتعاون مع جامعة هارفارد ولديه دورات تناسب احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويقول حمودة: الجهات التي تدعم المنشآت متناهية الصغر نجد مثلاً باب رزق جميل يقرض إلى 250 ألف ريال وصندوق المئوية يقرض إلى 250 ألف ريال بينما بنك التسليف والادخار يقرض إلى 4 مليون ريال.
مطالب بأدوار تكاملية وليس تنافسية
ويطالب الاقتصادي طلعت حافظ بأدوار تكاملية وليس تنافسية ويقول: هناك أكثر من جهة تهتم بالقطاع، لكن ليس هناك أدوار تنسيقية، وأتمنى أن يكون هناك أدوار تكاملية، ونجد من يقدم التمويل ومن يقدم الدعم اللوجستي وغيرهما يقدم المتابعة للمشاريع.
ويضيف: البنوك في جميع أنحاء العالم ملامة ولو أخذنا البنوك السعودية من بداية السبعينيات الميلادية من بداية الخطط الخمسية لوجدنا أن البنوك قدمت أكثر من 800 مليار ريال وهذا ضعف ما قدمته صناديق التنمية الحكومية كصندوق التنمية الصناعي والعقاري ولا يوجد شخص إلا واعتمد في بداياته الاستثمارية على البنوك.
ويتفق معه النشوان قائلاً: البنوك تقدم التمويلات فعلى سبيل المثال البنك العربي خلال 2010م قدم تقريباً 135 مليون مقابل 36 مليون كفالات في الربع الأول من 2011 كما قدم 67 مليون تمويل مقابل 17مليون كفالة فالبنك يتفاعل مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
واختتمت الندوة بالتأكيد على عدة توصيات منها ما شدد عليه الدكتورمحمد الهذلول من ضرورة وجود تنمية حقيقية لكي تخلق ميزة تنافسية تبدأ من المعرفة على أن تنطلق من المناطق مضيفاً أن المناطق والمحافظات هي من يفترض عليها الوقوف مع البنوك لخلق فرص على مستوى المنطقة، فهي تحتاج فقط إلى رفع كفاءة الإدارات القائمة.
ويقول مدير برنامج كفالة بصندوق التنمية الصناعية محمد عبدالمنعم حموده إنه لابد من وجود راع للمنشآت الصغيرة والمتوسطة فالمستثمر ينتقل إلى جهات عدة متسائلاً: لماذا لا يكون لها مركز معين يؤدي هذه الخدمة؟ من جانبه يشدد الدكتور محمد الجديد على ضرورة أن يقوم الصندوق الصناعي بتقديم المشورة والرأي لهذه المؤسسات ومساعدتها في تسويق منتجاتها، كما أنه على البنوك السعودية تطوير منتجات تتوافق مع احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وطرح منتجات تمويل جديدة نابعة من احتياجات هذه المؤسسات.
ويؤكد طلعت حافظ على أهمية أن تكون هناك مرجعية واحدة تكون ممثلة في وزارة التجارة وأن يكون هناك دور تكاملي مع خلق نوع من الهجرة المعاكسة واحتضان الشركات الكبيرة للصغيرة على أن يكون الاستحواذ أو الاندماج بين الشركات أفقياً وليس رأسياً بمعنى أن تنتج الشركة جزء والأخرى جزء وهو ما يعني تكاملية الأدوار، مع إبراز ذلك في وسائل الإعلام لتسليط الضوء على هذه التجارب.