يقول جورج ايكن:
لو أننا استيقظنا صباح ذات يوم ووجدنا أن الجميع صاروا من نفس السلالة والعقيدة واللون لاخترعنا أسبابًا للتفرقة والتمييز قبل حلول المساء.
التفرقة إذن هي الأصل و الاستثناء هو المساواة، هذا مايقترفه البشر على مستوى الممارسة والتطبيق والتعايش وإلا فإن جورج يكن ينتمي لمجتمعات حاربت التمييز في النصوص والقوانين.
اختبر صحة مقولة جورج، وجلِّ بنظرك فيما حولك وضع دائرة حمراء على كل مايذكرك بالفوارق بين البشر بدءا بموضوع الزواج والنسب بين القبيلي والخضيري والذي لايمت لأحدهما بصلة!! وانتهاء بسرعة العثور على سرير شاغر في مستشفى حكومي إلى حجوزات السفر ثم من يجلس خلف مقود السيارة أو من يصوت ويعين في مجلس الشورى ومن ينتخب في المجالس البلدية ومن يستحق التقدم للحصول على قرض حكومي في البنك العقاري أو الزراعي أو الصناعي!!
استمع جيدا لصوت الواقع وعلو وتيرة السخط في الأطراف على من يتهمهم في وطنيتهم ومثللهم من يقع ضحية للتمييز بين التيارات الفكرية فتستعدى السلطة عليه ويخلع عليه مخالفوه لقب خائن وربيب السفارات!
لاتكاد تنتهي من حكاية حتى تبدأ حكاية أخرى تفيض تمييزا وعنصرية يمارسها الأفراد ويجعلون من الممارسة واقعا تعتاده ولاتستنكفه النفس ويصبح عرفا جاريا مجرى العادة ولا يجرؤ أحد على التنديد أو المطالبة بالتغيير بل يصبح العكس هو الصحيح فالعرف من الثوابت الاجتماعية التي يعد الخارج عليها كمن خرج على ثابت شرعي! القرار السياسي قد يسن قوانينا ونصوصا تتضمن لحقوق المدنية العادلة لكن الممارسة الاجتماعية تدير ظهرها لكل القوانين، المناطقية مثلا لايوجد قانون يغذيها لكنها مستشرية، الوظائف العليا في الدولة لايوجد نص يجعلها حكرا على الرجال لكن احتكار الرجال للوظائف العليا يؤكد قوة الممارسة الاجتماعية وكيف تستطيل كأخطبوط ليمتد إلى كل شيء وأي شيء!
f.f.alotabi@hotmail.com