|
لقاء: سعد بن جابر الشهري - عبدالقادر آل حسين تصوير - أحمد قيزان :
يُعَدُّ البنك الإسلامي للتنمية الذي يتخذ مدينة جدة مقرا له من البنوك الإسلامية التي لها إسهامات كثيرة في اكثر من 56 دولة عربية وإسلامية، حيث يهدف البنك إلى دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء مجتمعة ومنفردة، والنهوض بمستوى المعيشة فيها، طبقا لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية السمحة. ولتحقيق هذه الغاية يقدم البنك أشكالا متعددة من المساعدات الإنمائية مستهدفا شتى القطاعات في اقتصادات الدول الأعضاء.
كما قام البنك بإنشاء عدة مؤسسات وصناديق متخصصة لتحقيق أهدافه التنموية، مثل: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة. وصندوق الاستثمار في ممتلكات الأوقاف، وصندوق الوقف، وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية.
ومن هنا تحدث معالي الدكتور أحمد بن محمد علي رئيس البنك الإسلامي في حوار شامل وخاص مع صحيفة الجزيرة عن العديد من الأمور التي يقدمها البنك خلال مسيرة عامرة بالتطوير وتقديم المساعدات للدول العربية والإسلامية.. فإلى الحوار الذي ننشر الجزء الأول منه اليوم، وينشر الجزء الثاني غداً الخميس.
التأسيس والأهداف
هل لكم أن تعطونا فكرة مختصرة عن البنك الإسلامي للتنمية وتأسيسه، وأهدافه؟
- البنك الإسلامي للتنمية، مؤسسة مالية دولية، يضم في عضويته (56) دولة من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد صدر بيان العزم بإنشاء البنك عن الاجتماع الأول لوزراء مالية الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي عقد في مدينة جدة في 24 - 11 - 1393هـ الموافق 18 - 12 - 1973م. وتم افتتاح البنك بصفة رسمية في 15 - 10 - 1395هـ الموافق 20 - 10 - 1975م.
ويهدف البنك إلى دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء مجتمعة ومنفردة، والنهوض بمستوى المعيشة فيها، طبقا لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية السمحة. ولتحقيق هذه الغاية يقدم البنك أشكالا متعددة من المساعدات الإنمائية مستهدفا شتى القطاعات في اقتصادات الدول الأعضاء. كما قام البنك بإنشاء عدة مؤسسات وصناديق متخصصة لتحقيق أهدافه التنموية، مثل: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
وصندوق الاستثمار في ممتلكات الأوقاف، وصندوق الوقف، وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية.
هل أنتم راضون عن المحصلة التي وصلتم لها الآن بعد أكثر من (36) سنة متواصلة في خدمة جهود التنمية الإسلامية؟ وما هي أبرز إنجازات البنك التي حققها حتى الآن؟ وهل تأثر البنك بتداعيات الأزمة المالية العالمية التي عصفت بمئات البنوك الكبيرة؟
- عندما تنظر إلى احتياجات التنمية التي ما زالت قائمة في الدول الأعضاء بالبنك، وجميعها من الدول النامية، تدرك أن الطريق أمامنا ما زال طويلا وشاقا، ونحن في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية نطمح دائماً إلى هدف واحد محدد ألا وهو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في كل الدول الأعضاء بالبنك ونحن نعلم أن الهدف صعب لكن لا مستحيل مع الإيمان والعمل الدؤوب.
أما عن أبرز إنجازات البنك فهي بالدرجة الأولى في اعتقادي استمرارية البنك وتطوره واتساع رقعة نشاطه، فالبنوك الإسلامية لم تكن معروفة عندما بدأ البنك نشاطه التمويلي في منتصف شوال 1395هـ الموافق (20 - 10 - 1975م)، وراهن كثيرون وقتها على عدم نجاح البنك، ولكن البنك - ولله الحمد - لم ينجح فقط، وإنما تطور وتوسع، خلال العقود الماضية، وأصبح يضم أربع مؤسسات متخصصة إلى جانب المؤسسة الأم (البنك الإسلامي للتنمية) وبات يعرف عالميا باسم مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وتضاعف عدد الدول الأعضاء بالبنك ليصل حالياً إلى (56) دولة بعد أن كان عدد الدول الأعضاء عند التأسيس (22) دولة فقط، وهو ما أدى بالتالي لا تساع رقعة نشاط البنك ليشمل الدول الأعضاء في أربع قارات هي آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، كما وصلت مساعدات البنك للمجتمعات المسلمة في أكثر من (70) دولة غير عضو، منتشرة في كل أرجاء المعمورة، ونتيجة لذلك تمت مضاعفة رأس مال البنك المصرح به والمكتتب فيه عدة مرات لتمكين البنك من تلبية متطلبات التنمية المتزايدة، وتجاوز الإجمالي التراكمي لتمويلات مجموعة البنك حتى تاريخه أكثر من (70) مليار دولار أمريكي، وليس هذا فقط، بل تمكن البنك الإسلامي للتنمية - ولله الحمد - من الحصول وللعام التاسع على التوالي، على أعلى درجات التصنيف الائتماني من مؤسسات التصنيف الائتماني الثلاث الأبرز عالميا: ستاندرد آند بوردز، موديز، وفيتش، ولا ننسى قبل كل هذا أن البنك الإسلامي للتنمية كان له الدور الرائد في إيجاد بديل مصرفي ومالي قائم على أحكام الشريعة الإسلامية، ونتيجة لنجاح البنك في هذا المجال أصبح هناك حالياً - ولله الحمد - أكثر من (300) مؤسسة مالية إسلامية منتشرة في كل أنحاء العالم.
وبعد.. فكل هذه الشواهد وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال هنا لذكره في هذه العجالة، تدل على أن البنك قد نجح والحمد لله ويسير بخطى ثابتة في الاتجاه الصحيح.
أما فيما يخص الأزمة المالية العالمية فقد جاءت هذه الأزمة لتثبت بما لا يدع مجالا للشك وجود خلل كبير في النظام الاقتصادي العالمي الحالي والحاجة الماسة إلى نظام بديل أو على الأقل إصلاح النظام القائم، وفي الوقت نفسه قامت الأزمة بلفت انتباه العالم لوجود نظام اقتصادي مالي إسلامي أخلاقي متكامل وناجح ومنصف، قائم على الاستثمارات الحقيقية، ولم نتأثر - ولله الحمد - في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بالأزمة المالية العالمية لأن كل معاملات مجموعة البنك مطابقة للشريعة، في الوقت الذي اكتوت معظم دول العالم ولا سيما الدول الغربية بما فيها الاقتصادات العظمى بآثار وتداعيات الأزمة المالية العالمية وامتد هذا الأثر فشمل معظم الدول الأخرى. ولابد من تضافر الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمواجهة تداعيات هذه الأزمة.
نشر البنوك الإسلامية
هل يهتم البنك بنشر البنوك الإسلامية؟
- يعد تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية أحد الأهداف الرئيسة والاستراتيجية للبنك الإسلامي للتنمية، وقد اهتم البنك منذ تأسيسه بدعم هذه الصناعة والمساعدة في تأسيس البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وساهم البنك حتى الآن في رأسمال (29) مؤسسة مالية إسلامية منتشرة في (20) بلدا بمبلغ إجمالي (485) مليون دولار أمريكي تقريبا.
ولم تقف جهود البنك لدعم الصناعة عند هذا الحد بل بادر البنك بالتعاون مع باقي المؤسسات المالية الإسلامية والسلطات المختصة في الدول الأعضاء بتأسيس عدد من المؤسسات المتخصصة أو مؤسسات البنى التحتية بهدف إيجاد بنية متكاملة تعزز مسيرة الصناعة وتمكنها من تحقيق أهدافها.
ومن أهم هذه المؤسسات:
- المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية:
تأسس سنة 2001م في مملكة البحرين ويسعى لتحقيق جملة أهداف منها العمل على التعريف بالخدمات المالية الإسلامية وكذلك بيان أهم المعاملات المصرفية الإسلامية والتأكيد على نشر المفاهيم والقواعد والأحكام المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية والعمل على تنمية وتطوير الصناعة المالية الإسلامية في جميع دول العالم الإسلامي.
- هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية:
وقد تأسست في مملكة البحرين سنة 1991م بهدف إعداد وتطبيق معايير شرعية ومحاسبية بالتعاون مع المهتمين من ذوي الاختصاص في الشريعة الإسلامية من ناحية، وفي المحاسبة، للتمكن من تقديم معلومات كافية وموثوق بها وملائمة لمستخدمة القوائم المالية. ولهذا أهمية قصوى في القرارات الاقتصادية التي يتخذها المتعاملون مع تلك المصارف، وأثر مهم على تخصيص الموارد الاقتصادية وتوجيهها الوجهة التي يستفيد منها المجتمع.
- مجلس الخدمات المالية الإسلامية:
تأسس مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا سنة 2002م وبدأ نشاطه في عام 2003م.
ويهدف المجلس إلى إصدار الإرشادات والمعايير الرقابية على المؤسسات الملية الإسلامية بما يتلاءم مع أحكام الشريعة الإسلامية والمعايير الدولية المتبعة في هذا الشأن.
- الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف:
تم إطلاق الوكالة سنة 2005م كشركة مساهمة في البحرين. وتهدف الوكالة للقيام بأنشطة التصنيف والتقييم والتقدير للالتزامات والمستحقات والارتباطات وهي أول وكالة تصنيف للمؤسسات المالية الإسلامية.
وتتلخص مهمتها في وضع المعايير للإفصاح والرقابة الإدارية المناسبة في البنوك والمصارف والمؤسسات والشركات المالية الإسلامية والتقليدية ومساعدة العملاء على فهم وإدارة المخاطر بمراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية.
- المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم:
تأسس المركز سنة 2006م في دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف تنظيم الفصل في النزاعات المالية والتجارية التي تنشأ بين المؤسسات المالية والتجارية، أو بينها وبين عملائها، أو بينها وبين الغير وذلك بصيغتي المصالحة والتحكيم بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
كما أسهم البنك في تأسيس مؤسسات أخرى لدعم الصناعة خاصة في مجال إدارة السيولة. هذا ويقوم المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب (عضو مجموعة البنك) بتنظيم العديد من الندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية سنوياً في مختلف الدول الأعضاء بالبنك بهدف تعميق مفاهيم الصيرفة والتمويل والاقتصاد الإسلامي والنهوض العملي بقضاياها علاوة على إصداره سنوياً العديد من الأبحاث والمطبوعات ذات الصلة بهذه المجالات. وفي الآونة الأخير أنشأ البنك « مركز تطوير المنتجات المالية الإسلامية « كوحدة عمل داخل البنك مخصصة لاستحداث وتطوير وإطلاق منتجات وأدوات مالية إسلامية، إلى جانب استكشاف ما تنطوي عليه هذه المنتجات وتلك الأدوات من إمكانات بهدف تطوير أسواق مالية ونقدية إسلامية.
وفي إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الاهتمام بالمالية الإسلامية على الصعيد العالمي، يعمل البنك على إيجاد بيئة مواتية لهذا التمويل في الدول المعنية، وذلك بتقديم مساعدات فنية في شكل منح وخدمات استشارية تتوخى الإصلاح الفعال للإطار التنظيمي للصيرفة. كما يساهم البنك في تمويل مشروعات وقفية عقارية في العالم وذلك سعيا منه للنهوض بقطاع الأوقاف الذي يعد من اللبنات الأساسية في التفعيل العملي لأساسيات الاقتصاد الإسلامي. ويضاف إلى تلك الجهود قيام البنك الإسلامي للتنمية بالتعاون مع « البنك الدولي « بإنشاء مجموعة عمل معنية بالمالية الإسلامية واتخاذ الإجراءات العملية اللازمة لإحياء الحوكمة المؤسسية في المؤسسات المالية الإسلامية.
تعزيز التبادل التجاري
ما هو دور البنك في تعزيز وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدان الإسلامية؟
- من المتعارف عليه، أنه لا يوجد بلد أو منطقة في العالم حققت نمواً دون نمو تجارتها. وانطلاقا من هذا المبدأ تولي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، التجارة أهمية كبيرة لدورها الحاسم في النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة. فالبنك الإسلامي للتنمية هو أول مؤسسة إنمائية دولية تبنت برنامجا لتمويل التجارة وتشجيع التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في الوقت الذي كانت جميع مؤسسات التنمية الدولية تعزف تماما عن ذلك.
وفي هذا الإطار فإن مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تضم ثلاث مؤسسات إضافة إلى البنك تهدف إلى تمويل وتشجيع التجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء:
1. المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة ITFC:
وتقوم هذه المؤسسة بتقديم تمويلات لتشجيع التبادل التجاري بين الدول الأعضاء. وقد بلغ المجموع التراكمي لتمويل التجارة منذ إنشاء البنك حتى تاريخه حوالي (40) مليار دولار أمريكي. أما إجمالي تمويل المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) منذ إنشائها في عام 2008م وحتى تاريخه ما يقارب (6) بلايين دولار أمريكي، خصصت ما يقارب 44% منها للدول الأعضاء الأقل نموا.
كما تقوم المؤسسة ITFC إضافة إلى توفير التمويل اللازم للعمليات التجارية، بتنمية التجارة، وبناء القدرات وتسهيل تدفق التجارة من خلال برنامجها للتعاون التجاري وتنمية التجارة TCPP. وقد نظم هذا البرنامج خلال السنوات الماضية العديد من الأنشطة لصالح الدول الأعضاء لمساعدتها على النفاذ إلى الأسواق الخارجية بقدرة تنافسية عالية.
2. المؤسسة الإسلامية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات ICIEC:
تقوم هذه المؤسسة بتقديم الضمانات للمصدرين من الدول الأعضاء ضد جميع المخاطر التجارية والسياسية رغبة في تشجيع التجارة بين الدول الأعضاء وباقي دول العالم، كما تقوم أيضاً بتقديم ضمانات للمستثمرين في الدول الأعضاء ضد المخاطر السياسية رغبة في تشجيع الاستثمار البيني بين الدول الأعضاء.
وتهدف هذه المؤسسة إلى توسيع نطاق المعاملات التجارية بين الدول الأعضاء لتسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها. كما تقوم هذه المؤسسة أيضاً بتوفير تسهيلات إعادة التأمين لوكالات ائتمان الصادرات في الدول الأعضاء.
3. المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص ICD:
وتقوم هذه المؤسسة بالعمل مباشرة مع القطاع الخاص في الدول الأعضاء لتشجيع الاستثمارات بما في ذلك الاستثمارات البينية.
وفي هذا السياق أود الإشارة إلى أن مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي الذي انعقد بمكة المكرمة عام 1425هـ (2005م) شدد على تشجيع التجارة بين الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي والعمل على رفع مستواها من 15% عام 2005م إلى 20% بحلول عام 2015م ولتحقيق هذا الهدف، اتخذت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية عددا من التدابير الاستراتيجية والمبادرات من أبرزها اعتماد « خريطة طريق لتعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي « التي صيغت خلال اجتماع الخبراء الذي عقد بأنقرة، تركيا عام 2008م، وترتكز هذه الخريطة التي اعتمدت رسميا خلال الدورة (24) للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي (الكومسيك) عام 2008م، على خمسة مجالات رئيسة هي: تمويل التجارة، تنمية التجارة، تسهيل التجارة، بناء القدرات، تشجيع وتنمية السلع الأساسية للدول الأعضاء.
وفي هذا الصدد أود أن أشير بارتياح إلى نمو التجارة البينية خلال السنوات الأخيرة، حيث إنها ارتفعت من حوالي 14% في عام 2004م إلى حوالي (16.5%) بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 2009م (أي من (333) مليار دولار أمريكي عام 2004م إلى نحو (427) مليار دولار أمريكي في عام 2009م).
ومثلما أشير إليه آنفا فإن البنك الإسلامي للتنمية من خلال المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة وبرنامج التعاون التجاري وتنمية التجارة (TCPP) يقوم بتنفيذ العديد من الأنشطة الرامية لزيادة وتعزيز حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء. ففيما يخص تنمية التجارة يقوم برنامج TCPP بتنظيم المعارض التجارية العامة والمتخصصة والاجتماعات بين المشترين والبائعين وكذلك المنتديات التجارية المختصة. وفي مجال بناء القدرات يعمل البرنامج TCPP على بناء قدرات المؤسسات الداعمة للتجارة كمراكز تنمية الصادرات وغرف التجارة وبعض الأجهزة الحكومية. وفي مجال تنمية السلع الأساسية يقوم البرنامج TCPP بتقديم المساعدة الفنية للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لتنمية قدراتها التنافسية للسلع ذات الميزات التفاضلية. وفيما يخص تسهيل التجارة فقد قامت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (عضو مجموعة البنك) بتنفيذ خريطة طريق باسم: المساعدة من أجل التجارة (AID FOR TRADE) لصالح دول آسيا الوسطى.
علما بأن المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة تعتمد على الشراكات التي أسستها مع المنظمات الدولية المختصة في ميدان التجارة لتنفيذ أنشطتها مثل منظمة التجارة العالمية WTO ومركز التجارة الدولية ITC ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO).
وفي الختام وددت الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تعد من أكثر الدول الأعضاء تعاونا وتفاعلا مع برنامج التعاون التجاري وتنمية التجارة TCPP، من خلال مركز تنمية الصادرات السعودية، حيث شارك المركز في جميع الاجتماعات الخاصة بتنمية التجارة البينية بين الدول العربية التي نظمها البنك.
وكانت المملكة العربية السعودية عن طريق مركز تنمية الصادرات السعودية من أوائل الدول التي شاركت في أنشطة البرامج الخاصة ببناء القدرات من خلال الدورة التدريبية المتخصصة في استراتيجية التصدير والتسويق الدولي كما تعاون المركز مع البنك في إعداد منهج دورة تدريبية عن تمويل وضمان ائتمان الصادرات، ثم تنظيمها لصالح الدول العربية.
وقد تم تنظيم دورتين بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة في جدة، الأولى عن تبادل الخبرات بين غرف التجارة والصناعة في الدول العربية في عام 2008م، والثانية عن المعلومات التجارية في عام 2010م، شارك فيهما أكثر من (60) متدربا.
دعم جهود التعليم
ماذا قدم البنك الإسلامي للتنمية لدعم جهود التعليم في الدول والمجتمعات الإسلامية؟
- يسعى البنك الإسلامي للتنمية إلى الاضطلاع بدور متقدم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء وفي المجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء، ويطمح البنك في هذا السياق إلى أداء دور ريادي في تنمية الموارد البشرية باعتبارها حجر الزاوية في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويحتل التعليم مكان الصدارة في سياسات البنك وخططه وبرامجه التنموية وينعكس ذلك جليا من خلال حصة التعليم في تمويلات البنك إذا ما قورن بالقطاعات الأخرى، حيث مول البنك ما يزيد على (360) مشروعا تعليميا على شكل منح وقروض ومساعدات فنية بمبلغ إجمالي تجاوز ملياري دولار أمريكي أي ما يناهز 10% من مجمل تمويلاته لجميع القطاعات. وفضلا عن التمويل المباشر فإن البنك يوفر منحا دراسية للطلبة النابغين في مجال العلوم والتكنولوجيا، ويدعم برامج لتدريب وبناء القدرات وتنظيم الندوات العلمية وتبادل الخبرات.
وقد أولى البنك عناية خاصة بدعم تعليم اللغة العربية وتمثل ذلك بتخصيص مبلغ (300) مليون دولار أمريكي لتمويل مشروعات نموذجية وبرامج رائدة يجري تنفيذها في بعض الدول الإفريقية منذ عام 2000م. وقد سجل البرنامج نتائج طيبة، في تجاربه الرائدة، حيث درب أكثر من عشرة آلاف شخص، وكفل أكثر من (1350) مدرسا، وبنى أو تقدم في بناء ما يربو مجموعه على (840) حجرة دراسية و(11) مؤسسة تعليم ثانوي و(130) نقطة للتزويد بالمياه الصالحة للشرب. ففي النيجر، على سبيل المثال، ارتفع عدد المدارس العربية من (190) إلى نحو (1200) مؤسسة تعليمية، كما تحسنت بشكل واضح كفاءة النظام التعليمي.
وقد أطلق البنك مؤخرا برنامجا رائدا هو برنامج « القراءة المهنية لمحاربة الفقر (قمم)، ويهدف البرنامج إلى سد فجوتين باتتا أهم رافدين لانتشار الفقر في الدول الأعضاء ألا وهما الأمية ونقص المهارات من جهة، والنفاذ إلى التمويلات الدقيقة من جهة أخرى ويستفيد من البرنامج مليوني أمي.
«الجزء الثاني غداً»