ترجمة وتقديم - بندر الحربي
في الوقت الذي بدأت فيه هوليود إنتاج القصة سينمائياً، مازال كتاب (غير منكسر) للكاتبة الأمريكية لوري هلن براند الصادر في نوفمبر 2010م، من ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً هذا العام، ولوري هلن براند هي ذات الكاتبة التي أبدعت كتابها السابق والأكثر مبيعاً أيضاً (كعكة البحر) الصادر في 2002م الذي يتحدث عن الحصان الشهير بهذا الاسم، وأثناء بحث الكاتبة عن تفاصيل سباق الجياد في تلك الفترة، أطلت لها قصة كتاب (غير منكسر) لبطلها المحارب وبطل سباق الجري.
أمضت لوري هلن براند سبع سنوات لإتمام هذه القصة ذات الوقائع الحقيقة والتجارب الفريدة، خلالها عن تفاصيل حياة بطلها الذي لا يزال على قيد الحياة بسنواته الثلاث والتسعين، ومن المذكرات والوثائق التاريخية، ومن قصاصات الورق القديمة، بل وحتى ممن شارك في تلك الفترة من الأمريكيين واليابانيين ممن هم على قيد الحياة، وسردت هذه القصة بنفس الروح الديناميكية المفعمة بالإثارة التي ظهر بها كتابها السابق (كعكة البحر).
تناول كتاب (غير منكسر) قصة حقيقية لرجل في الحرب العالمية الثانية بلغ به الخطر مداه، وعاش تجارب مفجعة غير قابلة للتصديق، وأظهر ما للبشر من قدرة على التكيف والبقاء عقلاً وروحاً وجسداً، وبسرد لأحداث امتدت لثلاث سنوات قضاها هذا الرجل بعد نجاته من تحطم الطائرة التي كانت تقله في المحيط الهادي. اسم هذا الرجل هو الملازم لويس زامبريني الذي كان في صباه جانحاً إلى حد بعيد، يسطو على المنازل، كثير الشجار، معتاداً على القفز والتشبث بالقطارات المسرعة، وفي سن المراهقة حصر قواه في رياضة الجري، وسرعان ما نقلته هذه القدرة والموهبة إلى أولمبياد برلين عام 1936م والذي أبلى في مضامير سباقاتها بلاءً حسناً مما جعل هتلر يصافحه ويشيد بقدراته، وبعدها عاد إلى وطنه ليستعد لأولمبياد طوكيو 1940م، ولكن سرعان ما قرعت طبول الحرب وانضم هذا الشاب إلى الجيش كرام للمدفعية في سلاح الجو، وركب الطائرة التي أقلته إلى المجهول.. وفي ظهيرة أحد الأيام من شهر مايو 1943م تحطمت احدى طائرات سلاح الجو الأمريكية التي كانت تقله مع عشرة أفراد آخرين نتيجة نيران اليابانيين، واختفت في المحيط الهادي تاركة وراءها الحطام والزيت والدماء تطفو على سطح الماء، وبعد عدة أسابيع ظهر فجأة على الشاطىء الذي يبعد 2000 ميل وجه الملازم الشاب واثنان من زملائه بعد أن تشبثوا بطوافة من الخشب، وبعد أن قضى الثمانية الآخرون نحبهم، وما أن وصلوا إلى الشاطىء الذي لم يكن لديهم علم بتربص اليابانيين على ضفافه - حتى ألقي القبض عليهم. ومن هنا بدأت ملحمة هذا الشاب في سبع وعشرين شهراً قضاها في السجن الياباني يقاسي أنواع التعذيب والإهانة.
ما زال لويس زامبريني يحمل بداخله ذكريات مؤلمة عن تجربته الحقيقية، وعن صور لمئات الأميال من المحيط الشاسع، ووثبات الحيتان التي رآها، والأخشاب الطافية، والعطش والجوع، وطائرات العدو، وفوق كل هذا التجربة المعجزة للبقاء حياً، وعن رجل رفض أن ينكسر في أقسى الأزمات.
bmh295@hotmail.com