طبعاً كل الرجال فضلاً عن النساء، يبحثون ويتطلّعون ويأملون بالعلم الغانم والسمعة الطيبة والسيرة العطرة والخاتمة الحسنة, ولا أعتقد أنّ عاقلاً يقول غير ذلك، كما أنني أؤكد هنا أنّ العقلاء يتفقون على أنّ التصرفات الحسنة والسجايا الطيبة والسلوك الرزين مرهون ببقاء العقل واتزانه، ولذا تتفق الشرائع الربانية والقوانين الوضعية والقيم الإنسانية والمواثيق الدولية والأعراف الاجتماعية والفطر السليمة على محاربة كل ما من شأنه الإخلال بهذه الجوهرة الثمينة في ذواتنا ودواخل أجسادنا (العقل)، والمخدرات والمسكرات والخمور هي أشد ما يفتك بالألباب ويذهب بالعقول ويفسد الذّوق ويقتل المروءة وليس معها مراجل - بالمعني المجتمعي المعروف - ولا يحسن بأي رجل عاقل أن يقارفها، وما عانت الإنسانية أشد فتكاً وأكثر ضرراً وأوسع انتشاراً من المخدرات، وضحاياها كما يقول الخبراء يفوق عددهم ضحايا الحربين العالميتين المعروفتين في التاريخ.
لقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في أكثر من مناسبة، أنّ أعداء الوطن وأخطر أدوائه «الإرهاب والمخدرات»، ولذا لا بد أن تتكاتف الجهود ويتعاون الجميع وينبري كل مواطن صادق مخلص على محاربة هذا الداء الذي أفسد البيوت وأهلك النفوس وأباد الأجساد وأذهب العقول.
إنّ كلاً منا يعرف من القصص والحكايات، وسمع من الروايات والأخبار الشيء، الكثير الذي ينذر بخطر جسيم يطرق الأبواب ويهدد الأسر ويفسد المجتمع، وينذر بخراب الأوطان وهلاك الديار وللأسف الشديد.
أعرف أنّ آباء أهدروا أموالهم، وباعوا منازلهم، وعرّضوا بأعراضهم أغلى ما يملكون وأحب ما يجدون بسبب المخدرات، والنهاية هم قابعون في غياهب السجون.
أعرف أنّ هناك من تعرّضوا للتهديد وربما تراقص الموت وما زال يتراقص بين عيونهم صباح مساء من أقرب الناس إليهم، الزوج أو الوالد أو حتى الولد بسبب المخدرات.
لقد بذل مقام وزارة الداخلية جهوداً كبيرة، من أجل الوقوف ضد هذه المخدرات، وبقي دور المواطن وولي الأمر ورجال التربية والإعلام!!، كما أنّ على المرأة مسؤولية مباشرة في المحافظة على أسرتها والتواصل مع الجهات الرسمية من أجل حماية نفسها وأطفالها من ويلات أبيهم، إنْ كان - لا سمح الله - ممّن أدمن المخدرات.
إنّ مما يتطلّع له المواطن أن تتوسّع وزارة الصحة في افتتاح مستشفيات الأمل بشكل كبير، خاصة في ظل ما يعانيه مراجعو هذه المستشفيات المتخصصة في المدن الرئيسية المعروفة!!؟؟، ولعله ليس سراً أنّ هناك من ذهب بولده أو صديقه أو جاره أو ... إلى بلد عربي قريب، من أجل معالجة هذه المصاب بداء المخدرات!!
إنّ الوقاية هي الخطوة الأهم في حياة الأمم، والوعي والإدراك لخطورة النتائج والمصير المنتظر، هو أول سبل الحماية لأبناء الجيل من دمار الحاضر وشتات المستقبل.. وأصدقاء السوء، والسفر بلا ضابط، وإدعاء محاولة الهروب من الواقع، والاستمتاع باللحظة، والاستراحات البعيدة عن المراقبة الأبوية الواعية، والميل إلى التجربة والمخاطرة، وإغواء الشياطين ومؤثرات الهوى، هي جميعاً أو فرادى أسباب الوقوع في براثن المخدرات لا سمح الله، ولذا لابد أن يكون على رأس كل سبيل من هذه السبل رجل أمين بدل أن يكون شيطان أنس أو جان.
إنني أتطلّع إلى حملة وطنية شعبية واعية، يشارك فيها الجميع مؤسسات وأفراد، من أجل حماية مجتمعنا من المخدرات، والمجتمع العاقل من أتعظ بغيره، والهالك من أتبع نفسه هواها وغلبته الأماني الفاسدة والظنون المفسدة وإلى لقاء والسلام.