تقترن صور السياحة والسفر عادة بفكرة البحر المفتوح، والشواطئ المترقرقة، والبراري الممتدة، وهناك مَنْ يكرس الفكرة في أي ملمح جبلي أو نهري أو مرتفعات، أو أي مكان تُنشد فيه الطرافة، وهو ما تعمل عليه آلة الدعاية والإعلان في كل مكان من العالم.

إلا أن هناك مبالغة ما في عرض الكثير من تلك التفاصيل الدعائية على نحو: «مناظر لا تُصدَّق»!!.. فمن الأجدى التنبه إلى بعض صيغ المبالغات في وصف بعض الأماكن التي يُفترض فيها أن تكون أماكن سياحية، وقد تكون المبالغة أيضاً من قبيل الاستعانة بالصور والبروشورات والمعلومات الإلكترونية. فأمر المبالغة في الوصف ليس محلياً أو عربياً، إنما هو ظاهرة استثمارية لتفعيل حركة السياحة وخلق مناخات جديدة للجولات والتحركات، ورفع نسبة الإشغال لبعض المساكن، ورفع وتيرة البيع والشراء في المحال التجارية والمطاعم والمنتزهات.

أما فكرة المبالغة فإنها تكمن في حالة تصوير المناخ، أي أن يتم اختيار وقت ربيعي ممطر ومحدود لالتقاط بعض الصور الزاهية والمدهشة التي مرّت بها المنطقة لأيام فقط؛ ليتم الترويج لها بما يمكن أن يُعَدّ من بروشورات، ومطبوعات، وحينما تذهب إلى تلك الأماكن تكتشف أن الواقع أقل بكثير مما شاهدته في تلك الصور.

كما تقع الكثير من الأُسَر في هذه الأحابيل حينما تتنقل وتسافر إلى مَوَاطن تلك المَشَاهد المحتملة، على نحو التعريف بالجبل الأخضر الذي يرد ذكره كثيراً في العديد من البلاد والأماكن، فحينما تسعى إليه تُفاجأ بأنه دون ما تم الحديث عنه.

وتزداد مفاجأتك غير السارة حينما تعلم أن «الفوتوشوب» قد فعل فعلته، وروّج لما ليس موجوداً في تلك الأماكن، على نحو التأكيد بأنك ستصادف في ذلك الجبل الأخضر أو تلك المرتفعات الوعول ومزارع الموز واللوز والشلالات!! وحينما تصل إلى تلك المناطق فإنك لن ترى سوى الحاويات وهي تنقل ماء الشرب لأهل تلك المناطق، فضلاً عن أن تكون منهمرة ودارجة، أو جداول على نحو ما سكبته ألوان البروشورات، وصور الفوتوشوب.

فعبارة «مناظر لا تُصدَّق» باتت محدودة الأثر وغير مجدية، وربما لا تسهم في خدمة العمل السياحي الذي هو هدف الجميع؛ فالترويج ممكن، ويخدم بعض الأماكن النائية، إلا أنه من المهم أن يكون العرض والتعريف بالطبيعة واقعياً وواضحاً وغير مبالغ فيه، على نحو التعريف بمنطقة «مدائن صالح» وبطابعها الصحراوي الذي لا يمكن لنا أن نصوِّره بأنه مروج غنَّاء، فمن المهم أن نقدمه من خلال حالته الراهنة، ومناخه المعتاد.