إن الدين الإسلامي دين الخير، والتكافل الاجتماعي، نزل من لدن حكيم خبير، فهو يهتم بالأيتام والفقراء والضعفاء والأرامل والمساكين وابن السبيل، وغيرهم كثير من فئات المجتمع المختلفة.
والأيتام إحدى فئات المجتمع، وهم بحاجة ماسة إلى الرحمة، لأنهم فقدوا العطف والحنان، وعاشوا حياة اليتم والحرمان، وأحاطت بهم ظروف الحياة المختلفة، والمتقلبة في أطوارها وآلامها. ولقد اهتم الإسلام باليتيم اهتماماً عظيماً، وأمر بالرحمة والرفق به، والشفقة عليه، ونهى عن قهره، والاعتداء على أمواله، فجاءت النصوص من الكتاب والسنة تبين هذا الاهتمام، وتؤكد تميز هذا الدين القويم دون غيرهم من الشرائع بفئة الأيتام رعاية وتربية فقال الله تعالى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ، ويقول جل جلاله إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ، وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على كفالة الأيتام، وأن جزاءها مرافقته في الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما. رواه البخاري.
وبذلك قدم الدين الإسلامي هذه الفئة إلى المجتمع في أفضل صورة إنسانية تمثلت في صورة التكافل الاجتماعي، ودمج هذه الفئة في المجتمع كي يروحوا عن أنفسهم، ويخرجوا من العزلة، وحث المجتمع عامة على معاملة اليتيم المعاملة الحسنة، وأن ينظر إليه نظرة إيجابية نظرة كلها إحساس وتقدير واحترام بعيداً عن الإحباط والتجريح، حتى يكون لديه الثقة بالنفس، ويشعر أنه فرد من أفراد هذا المجتمع، وأنه إنسان غير منبوذ. فاليتيم قد حرم حنان الأبوين، واليتيم تحيط به الاضطرابات النفسية التي قد تهز مشاعره، وتسبب له الاضطرابات السلوكية التي تحرفه عن الطريق السليم، فينجرف خلف قرناء السوء، أو تأسره سموم المخدرات -لا سمح الله- وذلك إن لم يوجد من يأخذ بيده، ويوجهه توجيهاً سليماً في هذه، فيكون عالة على المجتمع.
وإن مجتمعنا مجتمع الرحمة والخير ما زال فيه تلك القلوب الرحيمة التي تبادر إلى أعمال البر والخير، وستظل سباقة في مجالات الخير لا تريد من الناس بذلك ثناء ولا مالاً، إنما تريد بذلك من الله أجراً وثواباً، وإن هذا الخير باق في هذه الأمة حتى يوم القيامة.
- أوثال