لقد حبا الله هذه البلاد بخيرات كثيرة، ولعل من أهمها احتضان الحرمين الشريفين في مكة والمدينة، ومن نعمه الكبيرة على هذه البلاد أن أوجد النفط والتمر كمصدرين للمال والغذاء، وحيث إن البلاد تعتبر فتية بالقياس إلى الأمم التي سبقتنا فإن لديها الكم الهائل من الشباب الواعد، وحيث طبيعة المملكة الصحراوية وقلة الأمطار، فإن البلاد تعتمد على تحلية المياه المالحة كمصدر رئيس في الشرب، ولما لهذه الارتكازات الأربعة من أهمية في مستقبل المملكة فربما إمكانية وضع إستراتيجية وطنية تبنى على هذه الأعمدة الأربعة:
1- النفط.
2- التمر.
3- تحلية المياه المالحة.
4- الشباب.
ففي موضوع النفط، وكما هو معلوم، فقد تم اكتشاف النفط في المملكة في عام 1938 ومن ذلك الحين والمملكة تعتبر المصدر الرئيس للنفط في العالم، ولديها أكبر احتياطي في العالم، وهو يعتبر المصدر الأول للدخل في المملكة، والمملكة تنمو وتتطور على ما يمكن أن نضيفه كميزة نوعية للنفط ومشتقاته وتوطين هذه الصناعة، ولعل أكثر من سبعين سنة كافية للتوطين والإبداع والابتكار خاصة، ولدينا البنية الأساسية من جامعات ومراكز بحث والأهم الشباب الذي نجد أن بعض الدول تستورد وتفتح باب الهجرة لاستقطاب هذه الكوادر الواعدة نظراً إلى حاجاتهم إليهم مثل أوروبا وأمريكا، فنحن في عصر المعرفة والتقنيات ومن يملك المعلومة أولاً هو الفائز، والأعظم من ذلك الإمكانيات التي وفرتها الدولة لاستقطاب كوادر الشباب للبحث والعمل في هذه الصناعة النفطية، ولكن ربما لو أن القائمين على هذه الصناعة وضع أمامه هدفاً وإستراتيجية محددة في سبيل بلوغ المملكة مرتبة تصنيع النفط والاستفادة من كل قطرة منه قبل نفاده، أو وجود بدائل له معتمدة على الوفرة العالية من شباب المملكة بدلاً من العناصر الأجنبية التي تستنزف مقدرات البلاد على حساب شبابها.
أما الارتكاز الآخر، وهو بحد ذاته ميزة نوعية لهذه البلاد بحكم صحراويتها، وهي النخلة والتمر والذي يعتبر مصدر غذاء أساسيا يمكن أن تقوم عليه صناعات عدة من المواد الغذائية، وربما الاستفادة من مخلفاته في صناعات أخرى، فالأمم توظف ما لديها من موارد بيئية وطبيعية لتواكب احتياجاتها والفائض للتصدير وبحكم ما تحظى هذه البلاد من أنواع جيدة ونادرة وبكميات هائلة لعله من المناسب وضع استراتيجية خاصة بصناعة وتجارة التمر ومشتقاته ربما يكون رديفا للنفط بالإضافة إلى كونه سلعة إستراتيجية عالمية وخاصة للأمة الإسلامية، حيث يقدر عدد أشجار النخيل في العالم بأكثر من 100 مليون نخلة 24 مليون في المملكة؛ ما يمثل الربع العالمي تقريباً، وهذا ما سعت إليه بعض الدول لما وجدت أن لديها فائضاً منه. ومثال ذلك ماليزيا التي استطاعت أن توظف الفائض لديها من زيت النخيل بتصديره إلى العالم كغذاء أساسي منافس للزيوت الأخرى وخاصة في أمريكا، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه كوقود للسيارات.
الارتكاز الثالث فهو تحلية مياه البحر واستخدامه للشرب في المملكة، وبحكم أن المملكة تعتبر أكبر دولة في إنتاج وتحلية المياه المالحة في العالم لعله من المناسب أن تكون لدينا الخبرة الكافية خلال العقود الماضية في توطين هذه الصناعة التي لا مجال ولا مصدر لنا في حياة بدونها بعد الله وهي المحرك الرئيس لحياة كل الخليقة { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ }، فهذه الارتكازات الثلاثة التي لا مناص من توطينها والإبداع بها وهذه الجامعات ومراكز البحث تحتاج فقط إلى شباب واعد لديه الرغبة في النهوض ومواكبة الأمم الأخرى، وحيث إن المملكة ربما أن لديها أكبر نسبة من الشباب في بلد واحد، فالأمل بعد الله في الاستفادة من هذه الميزة النوعية وإعطاء الفرصة إلى شبابنا في العمل والإبداع، والعمل على تصدير الخبرة والمعرفة إلى العالم الخارجي؛ فالفرصة مهيأة بإذن الله إلى المنافسة في تلك المجالات السابقة الذكر إذا وجدت الرغبة والإرادة من الجميع للنهوض بالمملكة ووضعها في مصاف الدول المنتجة وخاصة بعد ما تم وضع المملكة من ضمن الدول العشرين في العالم، والله أسأل أن نرى عن قريب أن المملكة في مصاف الدول المتقدمة وليس ذلك على الله بعزيز.