تتجاهل الصحة المدرسية أهم دور لها وتتقمص بأزياء وزارة الصحة منافسة لها فتعجب عندما يقول لك المسئول الأول بها أن دور الأخصائي النفسي ليس من أولويات الصحة المدرسية وتجد أن رسالة الصحة المدرسية تنص على: «نسعى لتعزيز صحة النشء والمجتمع المدرسي، ونشارك الأسرة والتربويين من أجل مستقبل الجيل». تناقض عجيب.. أي تعزيز وأي مشاركة طالما أن الاهتمام بالجانب النفسي يساوي صفراً وترفض الصحة المدرسية تعيين خريجي الجامعات السعودية في تخصص علم النفس بحجة عدم توفر وظائف بمسمى أخصائي نفسي لعدم الحاجة له في الصحة المدرسية وأن الصحة المدرسية تهتم في المقام الأول بالتمريض والمختبر والصيدلية والأشعة. فما هو دور وزارة الصحة إذاً.. إن من الواجب أن تكون سياسة الصحة المدرسية في المقام الأول هو تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية للنشء والمجتمع المدرسي بتوفير وظائف للمتخصصين في هذا المجال من أبناء هذا الوطن من الأخصائيين والأخصائيات في علم النفس وعلم الاجتماع، أما دور الرعاية الصحية فإن وزارة الصحة فاتحة أبوابها ليلاً ونهاراً وعلى مدار الساعة ولا تفرق بين الطالب المدرسي وغيره من شرائح المجتمع وبالإمكان تسليم الدور الصحي المدرسي لهم وذلك بإضافة الطب المدرسي إلى بقية اهتمامات الوزارة ولن يكلفها شيئاً حيث إن جميع الإمكانات متوفرة بل إنها سوف توفر كثيراً في الميزانية المعتمدة للصحة المدرسية بوزارة التربية والتعليم هذا بالإضافة إلى أنها جهة متخصصة ومتكاملة من الناحية العلاجية والوقائية وليس الطالب المدرسي إلا فرداً من المجتمع السعودي وسوف يجد العناية الصحية المتخصصة في جميع الأوقات وليست أوقات محصورة فقط بأوقات الدوام الرسمي الحكومي من السابعة والنصف صباحاً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر كما هو حال الوحدات الصحية المدرسية، فإن احتاج إلى الطبيب خارج هذا الوقت فعليه مراجعة المركز الصحي أو المستشفى.. إذاً ما فائدة الوحدة الصحية المدرسية ما لم تفي بالغرض المنشود منها؟ فإن كان الغرض المنشود هو الصحة الوقائية والنفسية فعلى وزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر في الدور المطلوب منها وتعمل على التغيير المنطقي واستحداث وظائف أو تحوير الوظائف الحالية إلى مسميات أخصائي نفسي وأخصائي اجتماعي وتوليهم الدور التوعوي والإرشادي والتوجيه السلوكي، هذا ما نحتاجه للنشء ويحتاجه النشء وأسرته والمجتمع بأكمله.
فمنذ عام 1374هـ وحتى عامنا الحالي 1432هـ أي حوالي ستون عاماً والصحة المدرسية لم تنفض غبار الماضي ولا تزال كما كانت بالأمس فإن من أولوياتها صرف المضادات الحيوية إن وجدت بدواليب الصيدلية التي تشبه «دكان زمان» وقد أرهقت كاهل ميزانية التربية والتعليم بما هي ليست متخصصة له.. ازدواجية وسوء تخطيط مستمر بالرغم من وجود الخبراء والمفكرين من أبناء هذا الشعب الوفي ولكن لم تتح لهم الفرصة أو لم يسمع لرأيهم، وهذا نداء ومناشدة لمعالي وزير التربية والتعليم لإعادة تشكيل الصحة المدرسية بما يتناسب مع الواقع الاجتماعي والصحة النفسية للطلاب والمعلمين وتحديد الدور الأبرز للخدمات المطلوبة من إقامة الوحدات الصحية المدرسية وتسليم الدور التوعوي والنفسي والاجتماعي للمختصين الأكفاء من شباب هذا الوطن المعطاء، ومشاركة وزارة الصحة في الناحية العلاجية والوقائية.
أخصائي نفسي وباحث ماجستير في إدارة الخدمات الصحية والمستشفيات - جامعة الملك عبد العزيز