تأتي المرحلة الثانوية ذروة وأوج المراهقة لدى الشباب، حيث تطرأ التغيرات النفسية والسلوكية والجسمانية على الطالب، مما يستوجب عملاً منظماً وجهداً قائماً على أسس تربوية وعلمية لمواجهة متغيرات تلك المرحلة السنية الأخطر في حياة الشاب. وتكمن الأهمية في العناية بالفكر لدى الشاب وتوجيهه توجيهاً سليماً، كون الفكر الموجه للسلوك والمرسخ للقناعات وتقوم عليه القرارات التي يتخذها الشاب، وزادت تلك الأهمية بعد توسع المدارك وانفجار الثورة التقنية التي حققت حضوراً كبيراً في عالمنا اليوم، ولعل ذلك يجعل دور المدرسة مضاعفاً ومواكباً للتطورات والتغيرات التي يعيشها البشر في هذا العصر. وقد يظن البعض أن السيطرة على فكر الشباب تنحصر في آليات الردع والحجب والمنع، وهذه النظرة ضيقة وغير مستساغة. فالواجب أن تكون هناك ثقافة للمناعة وثقافة الاستفادة من التقنية في تطور الأمة، كما أن المحافظة على ثقافة العناية بالثوابت والمسلمات لا تلغي ثقافة التثقيف ورفع مستوى الوعي.
ويبرز عامل آخر يؤثر جلياً في فكر وتوجه الشاب وهو المعلم مما يستوجب تحري الدقة في إسناد مهام التربية والتعليم في تلك المرحلة التي تعد منعطفاً في حياة الجيل، مما يجعل مسؤولية وزارة التربية والتعليم عظيمة ويقع عليها عبء كبير في مهمة الإسناد، حيث إن المفترض أن يكون المعلم المرشح لتلك المهمة السامية ممن تتوفر فيهم القدوة والقيادة وتوقد الفكر والرغبة في تطوير العملية التربوية والتعليمية وملاحظة كل ما يطرأ على الفكر والسلوك مع وسطية التوجه التي هي من سمات هذه الأمة كما قال المولى القدير: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، فالمعلم كما هو مشاع ومنتظر منه شريك في نجاح العملية التربوية وأحد أعمدتها.
راجياً أن تراعي وزارة التربية والتعليم في إسناد تدريس طلاب المرحلة الثانوية لمن يتحلى بتلك السمات آنفة الذكر. والله من وراء القصد.