|
جازان - أحمد حكمي
لم يتمالك أهالي الحرث أنفسهم من البكاء فور وصولهم إلى منازلهم في منظر يحمل في جنباته حالة من الجنون لحظات اختلط فيها الفرح والبكاء بخطوات متسارعة للدخول إلى مساكن حملت ذكرياتهم وزوايا احتضنت أحزانهم، حوار صامت كان عنواناً لكل مشاهد العناق بين الإنسان والمكان، بين قطع الأثاث المتناثر بين الكتب بين ذرات الغبار التي غطت كل شبر من وطنهم الصغير.
هذا المشهد عاشته الجزيرة أمس في أول يوم بعد صدور توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان بالسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم لصيانتها وتنظيفها تمهيداً للعودة قبل شهر رمضان المبارك.
حاولنا استطلاع مشاعر بعض الأهالي حيث التقينا في البداية عبدالله بن محمد الكعبي شيخ قرية الكعوب بالنيابة عن والده والذي عبر عن فرحته العظيمة بالعودة إلى دياره بعد فراق قارب العامين مؤكداً أن المشاعر لا توصف مقدماً شكره بالنيابة عن الجميع بالشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين وسموه ولي عهده وسمو النائب الثاني على وقفتهم الصادقة معهم كما قدم شكره لسمو أمير المنطقة على الجهود التي بذلها من أاجل تسهيل أمور عودتهم.
أما محمد الكعبي فلم يتمالك نفسه هو يتجول في أرجاء منزله فترك كل شيء وذهب إلى مكتبته وقلَّب كتبه ماسحاً ذرات الغبار التي تملأ المكان أما أطفاله فكل ذهب إلى زاوية تعنيه تحوي ألعابه التي حن إليها.
يقول الكعبي: الفرحة لا توصف ولا أتوقع بأن أحداً يستطيع التعبير في هذه اللحظات التي تختلط فيها الدموع والابتسامة فمهما تكلمنا نبقى مقصرين ولكن في النهاية ما أجمل العودة إلى المكان الذي عشت فيه طفولتك وشبابك، فكل الشكر والتقدير لحكومتنا الرشيدة على ما قدمته وتقدمه لنا وأملنا الكبير أن تتم عودة جميع القرى المجاورة حتى تعم الفرحة والسرور كل من خرج من دياره.
انتقلنا بجولتنا إلى موقع آخر لنجد العم محمد جابر هزازي (80 عاماً) والذي فضل أن يفطر هو وأولاده في منزلهم بعد فراقه ليشرفوا على مجموعة من العمال أحضروهم لتنظيف منازلهم وعند سؤالنا عن مشاعره قال أدركت أن روحي عادت لحظة دخولي إلى منزلي فلهذا المكان حكايات جعلتني أحترق وأنا أفارقه فيا لها من فرحة وأنا أعود إليه.
أما أبناؤه أحمد وعبدالله فسألا الله أن يديم على هذه البلاد الأمن والأمان والاستقرار فهي من أعظم النعم، مؤكدين بأن وقع خبر العودة كان مفرحاً لهما حتى أنهما كانا ينتظران الصباح على مضض للذهاب لرؤية منازلهما التي افتقداها كثيراً.
أما عبدالله هزازي فيقول: أنا لست ممن سمح لهم بالعودة إلى قراهم رغم أن قريتي قريبة جداً للشريط الفاصل لكن تبقى حكومتنا الرشيدة لها نظرتها الثاقبة حفاظاً على أرواحنا وممتلكاتنا، متمنياً أن ينظر خلال الأيام القادمة في وضعهم حتى يتمكنوا باللاحق بمن سبقوهم بالعودة إلى ديارهم التي حنوا إليها ويتملكهم شوق عارم لها.