خلال التسع سنوات التي شغل فيها الدكتور محمد عبده يماني، رحمه الله، منصب وزير الإعلام، شهدت المملكة تحولات تاريخية هامة، على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية. وكان هذا الرجل المتسم بالهدوء وبالوقار دوماً، يتعامل مع الإفرازات الإعلامية لهذه التحولات بوعي وبتفهم، على الرغم من أنها كانت تحولات شرسة واقتحامية.
في فترته، بدأت الصراعات الفكرية بين تيارات الحداثة والتقليدية، وتمخضت هذه الصراعات عن تصنيفات جديدة للمفكرين والأدباء والكُتّاب والدعاة، ودخلت البلاد في موجات جديدة، لم تكن موجودة من قبل. طبعاً هو لم يُوجدها، بل كان وزيراً للإعلام أثناء ظهورها، وكان لا بد له أن يتعامل معها. وبصراحة، ودون أن أُزكي على الله أحداً، فالرجل كان في منتهى الحيادية. لم ينحز لتيار ضد تيار، ولم يلعب بأية ورقة فكرية أو ثقافية، لمصلحته كشخص، ولا لمصلحته كوزير.
في فترته، كانت هناك جهة واحدة تُوقف الكاتب، وكان دوماً في صف الكاتب. يستدعيه لمكتبه الخالي من الأبهات ويرجوه بمودة الأب أو الأخ، أن يستريح عن الكتابة. كنا جميعاً حينما نغادره، نقتنع بنصائحه، فلقد كان أسكنه الله فسيح جناته، يشعّ بنظافة القلب واليد. كان حريصاً على الإعلام والثقافة، بقدر حرصه على الفكر والدين. وبالمناسبة، فلقد وافته المنية، وهو في اجتماع حول جمعيات تحفيظ القرآن.