بدءاً بودي أن (أصوب) خطأ مطبعيا وقعت به مقالتي - أو بالأصح (وقع بي!!) لأنه أضاف إلى عمري الحقيقي (أربعين) عاماً بالتمام والكمال ليحيلني إلى (هرم مُقرّن) - أي قد بلغت (قرناً) من العمر، وذلك لأن الزميل الذي صف مقالتي كتب في عام (1955م) بينما الحقيقة تقول في عام (1995م) حيث صحبت - بدعوة من صديق - مجموعة من موظفيه (متعددي الجنسيات واللغات والأعراق) وقلت حينها إنني بدأت أنشد في أسماعهم بعض قصائدي (القصيرة جداً)، من ديواني الخامس (رسوم متحركه) وقلت أيضاً إن الرجل الياباني كاد أن يرقص فرحاً على إيقاع القصائد وهو يهلل (مبتهجاً: هايكو.. هايكو. مستر سليمان) وقلت لكم إن الهايكو هي قصائد قصيرة مكثفة يتميز فيها الشعر الياباني بينما في الحقيقة إن هذا النمط يوجد في بعض الثقافات الأخرى كالفارسية والعربية أيضاً، وقلت ولكي أدلل على قولي هذا إنني رحت (أهيجن) قصائد بدويه شمالية قصيرة لكي أغيظ الأخ الياباني (!!) المتحمس لثقافة بلاده ولكي أمعن في إغاظته أكثر وأكثر رحت أغني له نمطا من الشعر الجنوبي أيضاً يسمى (الشقر) وكذلك (ردعته) ببعض الرباعيات العربية الفصحى، وهنا اقتنع بأمثلتي وقال إذن فالثقافة العربية وحدها تماثل اليابانية في هذا اللون الشعري فقط ولكنني أيضاً لم أتركه يحظى بهذه المجاملة التي اجترحها على مضض فقلت له: يا مستر (شن) ليست الثقافة العربية وحدها التي تشارك ثقافتك القومية بهذا النمط (أي الهايكو) فالثقافة الفارسية أيضاً والقربية من العربية لربما تحوي مثل هذا اللون من الشعر، فقال لي كيف؟ قلت له هكذا هو الكيف: ورحت أنشد له ما حفظت من شعر المخرج والشاعر الايراني (عباس كيرستمي) وشرعت أشدو بالفارسية - المترجمة طبعاً - قائلاً هاك من الهوكو: الفارسي:
(1)
مهر أبيض .. احمر حتى ركبته
أثر التجوال .. في سهل من شقائق النعمان
(2)
العد العكسي .. ليوم موتي
يبدأ تحديداً .. لحظة ولادتي
(3)
ساقية جارية في صحراء قاحلة - باحثة عن عشكان ثم نهضنا لتناول خروف المندي المدفون وافترقنا إلى لا لقاء حتى اليوم.