تدور حربٌ على مدار الساعة في مجتمعنا، قليلون الذين يعرفون بها، لأنّ هناك من كفاهم المشاركة فيها مضحياً بوقته وجهده، بل وروحه في صد هجوم عصابات المخدرات المدججين بالمكر والدهاء والرغبة الشريرة في كسب المال في مقابل سلب عقول الشباب وصحتها ورجاحتها!..
هذه الحرب ضحاياها لا يقتلون بالقنابل ولا بالصواريخ بل بالحبوب والكوكايين وغيرها من السموم المهلكة؛ يشتريها الضحية أحياناً بكل ما يملك وإن لم يجد ما يملكه راح تحت تهديد الإدمان يحاول أن يتدبر أمره بالسرقة وربما اضطر أن يبيع عرضه وشرفه لتجار المخدرات لكي يحصل على ما يريحه لبعض الوقت ولكنه يلقيه في العذاب المهين بقية حياته إن لم يتعاف!.. حرب أجهزة مكافحة المخدرات مع عصابات الشر تدور في البر والبحر في المدن والقرى والصحاري؛ ولكن ما هو دورنا كمجتمع مؤسسات وأفراد في هذه الحرب هل نكتفي بالدور المتقدم وعمليات المواجهة الميدانية التي يقودها رجال مكافحة المخدرات؟!.. أم أن لنا دوراً مسانداً لا يقل أهمية في محاصرة المروجين والحد من خطرهم؟. أعتقد أن لكلٍّ دوراً يمكن أن يقوم به سواء بدءاً بأولياء الأمور والمعلمين وأئمة المساجد ووسائل الإعلام وكذلك المؤسسات الاجتماعية الأخرى، علينا أن نشارك في هذه الحرب لنساعد في التوعية والحماية، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج، لنساهم بما نستطيع فلكلٍّ منا دور يمكن القيام به، الجهات المعنية بمكافحة المخدرات تسعى إلى أن تكون المكافحة مسؤولية وقضية اجتماعية، وليست مسؤوليتها لوحدها؛ ومعها كل الحق في ذلك.. فهي ليست قضيتها ومسؤوليتها لوحدها ولكنها مسؤولية الجميع لحماية الجميع، فشباب الوطن مستهدف من قبل الأشرار!.
هناك أبطال يواجهون بعزيمتهم وأرواحهم المجرمين وقد سقط منهم عدد من الشهداء، وفي مقابل ذلك نجد أن هناك إصراراً من عصابات الترويج لاجتياز الحدود وبيع السموم وخاصة الكبتاجون التي أصبحت الآن سماً صريحاً بعد أن أغلق مصنعها الرسمي واستغل اسمه المروجون ليقوموا بتصنيع حبوب أسهمت في التأثير على مخ المتعاطين، ونسبة كبيرة ممن نشاهدهم يهيمون على وجوههم في الشوارع هم من ضحايا تلك الحبوب! دفعهم إلى ذلك أسباب عدة منها سهولة السفر والإنترنت وضعف الإشراف من المدرسة والأسرة كل ذلك أسهم في أن يكون الشباب صيداً سهلاً لعصابات الترويج التي تغير من أساليبها وطرقها وهي في كر وفر مع رجال المكافحة.ومن المؤسف أن يمر اليوم العالمي لمكافحة المخدرات على كثير من الجهات ذات العلاقة دون أن يكون لها أيّ مشاركة منها، فلا تقوم المؤسسات التربوية والتي لها علاقة تماس مع الشباب باستثمار هذه المناسبة للتوعية، فالتوعية أصبحت الآن من أهم أساليب المواجهة التي يجب أن نتصدى لها جميعاً ولنشارك كلٌّ فيما يستطيع مع الجهات المعنية بمكافحة المخدرات؛ فالعدو شرس، والضحية قد يكون يوماً ما شخص تعرفه تسلل إليه الأشرار ليقوموا بسلبه ماله وعقله، فإذا هو بعد فترة مدمن يحتاج للرعاية والعلاج بعد أن كان مليئاً بالحيوية والشباب.
alhoshanei@hotmail.com