في لقاء صحفي أجرته صحيفة الحياة مع رئيس هيئة الرقابة والتحقيق الدكتور صالح آل علي، ذكر أن عدد القضايا التي قامت الهيئة بدراستها والتحقيق فيها خلال العام الماضي2010م (657قضية رشوة، و883 قضية تزوير، و471 قضية تزييف عملة، و316 قضية إساءة المعاملة باسم الوظيفة، و88 قضية إساءة استعمال السلطة، و32 قضية اختلاس، بما مجموعها 2447 قضية مختلفة).
وتعتبر هذه القضايا في مجملها قليلة على مستوى المملكة من حيث المساحة وعدد السكان من مواطنين ووافدين. ولكنها كثيرة في مجتمع مسلم يحرِّم الرشوة والتزوير والسرقة. وحين يقف الوازع الديني من التقوى والورع حاجزا دون المرء ونفسه الأمارة بالسوء فإن ذلك من أسباب عدم اقتراف هذه السلوكيات المحرمة، ويبقى التخاذل عن التبليغ أحد أسباب قلة القضايا المعروضة في مجتمع يزخر بالمتناقضات!
ما سرني في اللقاء الذي أجري مع رئيس الهيئة تأكيده على دور وسائل الإعلام المختلفة ووصفه لها بأنها (تعتبر رافداً من روافد المعلومات التي تتلقاها الهيئة التي تقوم بالمتابعة مع الجهات الحكومية ممن توجّه لها بعض الاستفسارات والمطالب أو الشكاوى عن طريق وسائل الإعلام للتأكد من الرد على ما ينشر فيها). في الوقت الذي يرى فيه بعض المسؤولين أن وسائل الإعلام تبالغ أو تتجنى على المؤسسات الحكومية.ويتجاهل كثير منهم الرد على الكتاب والصحفيين وإبداء وجهة نظرهم أو توضيح خططهم أو حتى طمأنة الناس على وصول شكاويهم أو استفساراتهم، برغم أن خادم الحرمين الشريفين وجّه بأهمية الرد على ما ينشر في وسائل الإعلام، لاسيما أن كل وزارة لديها إدارات إعلام وعلاقات عامة.
والمأمول إيجاد هيئات رقابية داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية أو تعيين موظفين من الهيئة ذاتها ذوي استقلالية إدارية بحيث لا يقف دورها عند الاكتفاء بالتقارير فقط ، وإنما القيام بأعمال رقابية ميدانية حقيقية عبر جولات مفاجئة، فلا يتم استقبالهم كما هو متبع (موظفو رقابة) بحقائب فخمة مليئة بالأوراق لتقوم الإدارات بترشيح وجوه معينة لمقابلتهم، وانصرافهم دون المرور على الموظفين والاستماع لهم والإنصات لمطالب المراجعين، وتوجيههم لكتابة ملحوظاتهم عن الإدارات ومدى التعامل معهم، واستلامها عبر الإيميل أو الرسائل النصية ولو بدون أسماء، ليتم التحقق منها بتتبعها وبحثها والوقوف على حقيقتها، والتواصل معهم بهدف تحسين الأوضاع بعيدا عن الشكاوى الكيدية والصراعات الداخلية والتصفيات الشخصية.
وفي حالة توافر الأدلة والمعلومات المؤكدة وثبوتها تتولى الإدارات المختصة اتخاذ الإجراءات النظامية المتبعة قبل اتساع الرقعة وحصول الرشاوى والتزوير ووقوع الفساد الكبير. ويحسن بالهيئة تتبع معرفة أسباب الفساد المالي والإداري ودوافعه عبر إجراء الدراسات والبحوث لحماية النزاهة وتأصيلها في النفوس.
وكنت أود من هيئة الرقابة والتحقيق السعي لنشر ثقافة التبليغ بين أفراد المجتمع عن المخالفات وصور الفساد وتعويد النشء على ذلك،حيث المتعارف عليه الصمت في حالة مواجهة هذا النوع من المخالفات والاكتفاء بالابتعاد عن الأماكن المشبوهة التي يسيطر عليها الفساد؛ لينجو المرء بنفسه كيلا يتعرض للمضايقة في رزقه والتنكيد في عمله حين لا يجد من يحميه أو يحفظ له حقه! بل قد يجد التوبيخ حتى من أقرب الناس إليه. وهنا يعشش الفساد في النفوس ويفرخ في القلوب!
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net