رُوي عن زعيم قبيلة في الأمازون، أنه أخذ قلماً وورقة من يد رجل أوروبي، فرسم عليها رسوماً وخطوطاً غير مفهومة، ثم تظاهر بقراءتها، كيما يزعم لقومه أنه امتلك معارف الرجل الأوروبي، الذي كان يعقد مع زعيم القبيلة الأمازونية صفقة لشراء مواد أولية لا تنتجها في العالم سوى أراضي هذه القبيلة. بعد الحرب العالمية الثانية، ظهر في اليابان "جنديان" اثنان: واحدٌ بنى البلاد، فجعلها المنافس العالمي العنيد للولايات المتحدة، في عقر دارها. الآخر اكتشفوه، بعد سنوات، في أحد الكهوف، وما إن أخرجوه حتى سأل مُستنفراً عن مواقع الأمريكيين، الذين يُطاردونه ويُطاردهم. كم عدد "الجنود" العرب، الذين ظهروا بعد سقوط غرناطة، بعد الحرب العالمية الثانية، بعد استلاب فلسطين العام 1948م، بعد سقوط القدس العام 1967م، بعد سقوط بغداد الأول والثاني، وربما الأخير، وبعد سقوط حائط برلين، وبعد انتحار (نحر؟) الاتحاد السوفياتي، وبعد كارثة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، وبعد "نهاية" التاريخ؟ من زمان حصل الطلاق (البائن؟) بين التاريخ والجغرافيا والاقتصاد في الوطن العربي. التاريخ يأكل الهامبرغر، منذ رأى طارق بن زياد يتسول عند أبواب المساجد. الاقتصاد يلتهم البيتزا، منذ نحيب أبي عبد الله الصغير. الجغرافيا اكتفت بارتداء قميص نوم رقيق، واضطجعت على فراش من الأسفنج. كان أن رأينا الدم يسيل من تحت القميص باتجاه التاريخ. كان أن رأينا الاقتصاد ينزف مائة وخمسين ألف عربي، من العلماء والمبتكرين والمخترعين، باتجاه أرقى مراكز الأبحاث والعلوم والتكنولوجيا في عوالم التقدم المستقبلية. أرى مجتمعات عربية تشخر نائمة في ثيابها. لو مرةً واحدة: يأتي ربيع بعد ربيع.
Zuhdi.alfateh@gmail.com