|
جازان - أحمد الحكمي
من يعش في جازان يدرك تماماً أن المنطقة تعيش أزمة عقارية قوية في ظل الأسعار الخيالية التي وصلت إليها إيجارات الشقق والمنازل، الأمر الذي يتطلب وقفة عدد من المستثمرين من داخل وخارج المنطقة وطرح مشاريع عقارية جديدة لمواجهة العواصف التي تمر بها وهذا الأمر أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز خلال حديثه عن الأزمة العقارية في أكثر من مناسبة وتقديمه العديد من التسهيلات للمستثمرين ليتبنى في النهاية مشروع إنشاء شركة جازان القابضة التي يتم تأسيسها بمشاركة عدد من رجال الأعمال بالمنطقة ويأتي من أولوياتها الإسهام في حل أزمة العقار بالمنطقة في المقابل يستبشر أهالي القرى الحدودية بأنباء اقتراب عودتهم إلى قراهم ومساكنهم التي حنو إليها كثيراً الأمر الذي يحظى بمتابعة أمير المنطقة وتوجيهاته بسرعة إيصال الخدمات إلى الحرث وقراها لتسهيل عودتهم بأسرع وقت ممكن. فهل ستسهم هذه العودة واكتمال إنشاء شركة جازان القابضة في احتواء الأزمة العقارية والحد منها؟ سؤال طرحته «الجزيرة» على عدد من المعنيين وعرجت قليلا على الأزمة وتأثيرها على عدد من المواطنين بالإضافة إلى إعطاء نبذة عن الأسعار الخيالية التي وصلت إليها إيجارات الشقق.
أزمة السكن... هل كبحت جماح المقبلين على الزواج؟
لم يعد يشغل بال الشباب المقبلين على الزواج هذه الأيام في المنطقة قيمة المهر ولا صالات الأفراح بل أصبح هاجسهم الوحيد كيف يحصلون على شقة بعد صدمتهم الكبيرة بقوائم الانتظار في مكاتب العقار التي هي الأخرى أصبحت تحتاج إلى واسطة حتى تتمكن من الحصول على شقة في وقت أسرع قليلا. إذن أزمة السكن تحتاج إلى حلول سريعة لتقليص الأعداد الكبيرة من المنتظرين الذين يعانون من المشكلة برأي الشاب محمد حناني ويرى أن الكثير من زملائه ما زالوا يبحثون عن مسكن منذ أكثر من ثلاثة أشهر خاصة وأنهم مقبلين على الزواج خلال الإجازة الحالية فقد أكملوا كل مستلزمات الزواج ما عدا المسكن الذي سيأويهم وزوجاتهم لذلك يجب أن يتحرك الجميع وتقدم التسهيلات حتى نتعدى هذه الأزمة.
منزل الأسرة خيار الشباب المقبلين على الزواج
الكثير من الشباب وجد منزل والده هو المكان الأنسب لتوفر المسكن في بداية حياته الزوجية فيرى أن غرفة مع دورة مياه في المنزل والاشتراك مع أهله في المأكل والمشرب أهون عليه بكثير من أن يدخل قائمة انتظار طويلة لدى مكاتب العقار لا يدري متى يصله الدور فيها وإن وجدت الشقة فهي حتما ستكون بسعر مبالغ فيه هكذا يرى حسن أبو بكر الذي أجل فكرة الزواج إلى أجل غير مسمى على حسب قوله فكل المؤشرات لا تساعد أبدا للإقدام على مثل هذه الخطوة. أما الشاب إبراهيم الفلاحي فيقول لن أنسى معاناتي عندما قدمت إلى المنطقة بعد انتقالي للعمل فيها وبحثي المضني عن المسكن لولا فزعة أحد الأصدقاء ومعرفته بمجموعة من الشباب الذين رحبوا بسكني معهم إلى أن وجدت شقة صغيرة من غرفتين ومطبخ صغير جدا بمبلغ 1300ريال شهرياً رغم أني متأكد أن إيجارها الحقيقي لا يتجاوز800 ريال لكن ماذا أفعل؟
النازحون والحنين للعودة
الكثير من النازحين يحنون للعودة إلى قراهم وينتظرونها بأسرع وقت ممكن وينتابهم شوق كبير لرؤية ديارهم التي مضى على فراقها أكثر من عامين فمهما ابتعدوا تظل لمحافظتهم الحرث وقراها مكانة عظيمة هكذا يرى خالد مجرشي الذي حن كثيراً للعودة مؤكدا أنهم ينتظرون لحظة الإذن بالعودة على مضض. العقاري عصام العقيلي عضو لجنة العقار بغرفة جازان أجاب على سؤال «الجزيرة» بشأن تأثير عودة النازحين على الأزمة العقارية قائلاً: هناك عجز كبير في العقار في جازان في ظل التسارع الكبير الذي تشهده المنطقة في شتى المجالات وهذا بفضل حكومتنا الرشيدة. فجامعة جازان مثلا والأعداد الكبيرة سواء من أعضاء هيئة التدريس أو من الطلاب بالإضافة إلى الموظفين بالإدارات الحكومية الأخرى من خارج المنطقة ناهيك عن القضية الأهم في المنطقة وهي النازحين من القرى الحدودية بعد الأحداث الأمنية كلها عوامل ساعدت بشكل كبير في تفاقم الأزمة وبالتالي أدت إلى تولد زيادة في الطلب وشح كبير في العرض. ويضيف في اعتقادي أن عودة النازحين لن تؤثر بالشكل الكبير في حل الأزمة وإنما ستساهم نوعاً ما في إيجاد فراغ في بعض الشقق وبالتالي تقليص القوائم المتراكمة في مكاتب العقار ومحدودية التأثير تأتي لأسباب منها أن النازحين لن يعودوا بأكملهم وإنما سيعود من يسكنون في المناطق البعيدة قليلاً عن حرم الحدود أما بعض القرى المتاخمة للشريط الحدودي فحتما لن تعود وبالتالي ينتظر سكانها الانتهاء من الوحدات السكنية التي يتم تشييدها للنازحين بأمر من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- عند زيارته للمنطقة أثناء الأحداث وتقدر بـ1000 وحدة سكنية كما أن هناك صنفاً من النازحين رحل إلى خارج المنطقة وهذا لن يعود قريبا أما الصنف الأخير فهم من استوطن في المدينة ويفضل إيجابيات التمدن وبالتالي سيجد من الصعوبة العودة إلى الأرياف إذن منطقياً النازحون لا يشكلون سوى 10%- 20% على الأرجح من الأزمة وبالتالي لن تؤثر عودتهم كثيراً.
المنطقة بحاجة إلى
10 آلاف وحدة سكنية
العقاري أحمد باسودان المنطقة بحاجة إلى ما لا يقل عن 10 آلاف وحدة سكنية حتى يصبح هناك نوع من الاتزان بين العرض والطلب وهذا لن يأتي إلا في وجود عدد من المستثمرين في ظل وجود أزمة حقيقية واحتياج كبير بل لن يتوقف الأمر عند هذا الحد فالجامعة تتطور شيئاً فشيئاً وهي تعاني كثيراً في إيجاد مساكن لأعضاء هيئة التدريس في ظل عدم اكتمال المدينة السكنية بالإضافة إلى المدينة الطبية والمستشفيات وكلها ستستقبل أعداداً من العاملين ومن المؤكد أنها تحتاج إلى سكن ولن ننسى المدينة الاقتصادية التي لا تقل أهمية.
35 ألف ريال قيمة
إيجار الشقة الصغيرة
وبسؤالنا عن الأسعار قال باسودان: بالتأكيد هي مرتفعة جداً لأنه لا توجد خيارات متعددة وبالتالي يلجأ المستأجر طوعاً للرضوخ لأي سعر لأن غالبية المباني تؤجر وهي ما زالت في طور البناء وبالتالي يقوم صاحب العقار بتشطيبها تشطيبا عادياً وهو على يقين أن المستأجر ينتظر بشغف حيث أصبح إيجار 3 غرف ذات مساحة صغيرة وتشطيب عادي جداً يتراوح ما بين 32000ريال -35000ريال. ويضيف: وصل الحال ببعض ملاك العقار إلى تقسيم الشقق الكبيرة المحتوية مثلا على 6 غرف إلى النصف وتأجيرها بثلاثة أضعاف إيجارها قبل 7 سنوات ومضى باسودان: هذا الوضع يؤكد أن المنطقة بحاجة إلى عدد كبير من المستثمرين في ظل النمو المتسارع بالإضافة إلى تطوير مخططات المنح وسرعة إمدادها بالسفلتة والإنارة وخاصة تلك التي تقع شرق محافظة أبوعريش ويقدر عددها بنحو4000 قطعة.
القنفذي: (القابضة) ستؤثر والمستثمر يحتاج إلى تحفيز
توجهنا بسؤال إلى أمين غرفة جازان المهندس أحمد القنفذي حول وضع «جازان القابضة» وهل عند انطلاقتها ستحد من أزمة العقار الراهن؟ فرد قائلاً: بالتأكيد المنطقة بحاجة ماسة إلى الاستثمار العقاري وأي تحرك في هذا المجال سيؤثر على مدى الاحتياج الذي تعانيه المنطقة في الوقت الحالي وبالتالي فإن عودة النازحين ستولد المزيد من الطلب على السكن وناهيك عن جازان القابضة كشركة ستساهم بشكل كبير في تنمية المنطقة من الناحية الاقتصادية والتسريع من عجلة المشاريع خاصة وأنه ستنبثق منها عدة شركات في تخصصات مختلفة فلن يقتصر عمل الشركة في المجال العقاري فقط بل ستكون هناك العديد من الشركات المتفرعة منها سواء في المجال العقاري وملحقاته أو النشاطات الأخرى المهمة للخدمات الأخرى وذلك من خلال توفير رأس المال والإشراف.
وأضاف القنفذي: الفرص الاستثمارية في المنطقة واسعة والمجال خصب سواء في المجال الصناعي أو العقاري أو السياحي وكلها تحتاج إلى مستثمرين فالفرص متاحة ولكن من يقدم عليها؟ في المقابل لا بد من توفير المحفزات إلى المستثمر حتى يجد الإغراء للاستثمار وأكبر محفز هو منح العقود طويلة المدى التي ستؤثر وتشكل إغراء كبيراً لأغلب المستثمرين بدلاً من العقود الحالية التي تمنح على سبيل المثال 25 عاماً فلماذا لا يمنح المستثمر لضعف وبالتالي أوجدنا هنا فرصة للمستثمر بأن يخطط لمشروع استثماري طويل المدى دون تخوف.