في قصة تروى عن أحد كبار العلماء الذين سجنوا في قضية كبرى في زمن أحد خلفاء الدولة العباسية، وقد طلب من هذا العالم أن يغير أقواله في قضية ماء فرفض. وتقول هذه الرواية أنه رافق هذا العالم في سجنه أحد اللصوص، فكان هذا اللص يقول للعالم إننا لا نعترف بأننا سرقنا جزرة تحت أكبر الضغوط وتحت أقسى أنواع السياط، فأنت أيها العالم الكبير لا تغير أقوالك، فكان هذا الموقف مما شد من أزر هذا العالم!
هذه القصة على طرافتها تدل على أن الرمز أو المؤثر قد لا يكون مثالياً بدرجة كبيرة، وقد تتأثر بشخص يفوقك في الإمكانات أو يقل عنك في التميز، لكن قد يكون لأحد أثر علينا بل وقد يكون رمزاً، وهو لم يفكر في ذلك بل كل تفكيره لا يعدو أبسط الأشياء من حوله. ولعل أوضح مثال على ذلك، وإن كان يختلف عن قصة اللص سارق الجزر، هو قصة بائع الخضار التونسي محمد البو عزيزي، الذي كان كل همه الحصول على تصريح لبيع الخضار عن طريق عربة متواضعة، ثم خلال أسابيع قليلة أضحى هذا الشاب مشعل شرار أكبر تغيير يشهده الشرق الأوسط منذ عقود بل قرون، ويكون هذا الشاب مادة مهمة في خطاب كبار قادة العالم.
قصدت من ذكر هذين المثالين أن كل منا وبعيداً عن الإغراق في تفاصيل هذين المثالين قادر على أن يقدم شيئاً لمجتمعه وليس بالضرورة بطريقة مثيرة بل بالفكر والتفكير الناضج.
tyty88@gawab.comفاكس 2333738