عندما تستأجر سكنا في السويد فإن المكتب العقاري يزود مباشرة مدرسة الحي بقائمة تضم أسماء أبنائك، وتبدأ المدرسة في التخطيط لاستقبال أبنائك دون أن تدري، وفي حال عدم حضور أبنائك إلى المدرسة فستفاجأ باتصال من المدرسة يحثك على إحضارهم، وفي حال عدم تجاوبك يقوم البوليس بإحضارك إلى المدرسة للتفاهم معك، إنهم قوم لا يؤمنون بالحرية الفردية إذا كانت ستؤدي إلى عودتهم إلى الجهل والتخلف.
التعليم هو قطعا مسألة أمن قومي، وهو خط الدفاع الأول ضد الهزيمة الحضارية المدمرة للشعوب (ألمانيا انهزمت عسكريا ولكنها انتصرت حضاريا)، عندما يكون تعليمنا في خطر فإن أمننا سيكون هو الآخر في خطر، وهذا ما ظهر فعلا في عام 2003 والسنوات التي أعقبته. في هذه الفترة العصيبة اختل تعليمنا فاختل أمننا. أليس التعليم هو الذي يؤسس لظهور علماء وباحثي المستقبل، ويعزز انتماء الطلاب لوطنهم، ويعدهم للمشاركة الفاعلة في التنمية، ويزود الطلاب بقيم العمل ومهاراته الأساسية، ويقضي على التفرقة العنصرية والعرقية، ويعزز بناء قيم سامية وسلوكيات أخلاقية عالية مثل التسامح والتعاون والمساواة؟ إذا أردت أن تبحث عن سر حضارة دول العالم المتقدم وعن سر تخلف عالمنا العربي فلن تجده سوى في تهالك مستوى التعليم الذي يتم تقديمه للطلاب، تعليمنا أنتج طلابا يصفهم النابلسي بالطيور الخشبية العاجزة عن الطيران، في حين أن التعليم لدى الأمم المتقدمة صنع من طلابهم (صقوراً) تحلق في أعالي الفضاء.