يولي العرب منذ نشأتهم نجم الثريا مكانة خاصة في حياتهم العامة. حيث ورد اسم الثريا في كثير من قصائد الشعراء منذ العصر الجاهلي حتى وقتنا الحاضر. كما أطلقوا اسم «ثريا» على بناتهم و»ثري» على أولادهم. ومن اسم الثريا اشتقت كلمة «ثروة» الدالة على الخير سواء كانت علما أو مالا أو حلالا، ولم يكتفوا بهذا فقط بل أطلقوا هذا الاسم على المدارس والمؤسسات والمواقع والمزارع والأحياء وغير ذلك. وقد أصبح اسم الثريا مشهوراً من بين النجوم في معاجم وقواميس اللغة العربية ولا يتفوق عليه إلا آيتي الليل والنهار الشمس والقمر.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد وردت الثريا في أمثال العرب مثل قولهم «فرق بين الثرى والثريا» عند المقارنة بين شيئين مختلفين في القيمة والاعتبار. كما وردت في صيغة مثل آخر كقولهم: «أبعد من الثريا» إذا كان الشيء بعيد المنال. وقد كان العرب يتعرفون على حاد البصر عن طريق رؤيته لنجم الثريا السابع حيث إن الستة الأولى منها ترى بوضوح. أما في الغرب فالثريا معروفة لديهم منذ زمن اليونان والرومان وكانوا يسمون كل نجم من النجوم السبعة باسم خاص حيث تناقلوا كثيراً من الأساطير والقصص الخرافية عن هذه النجوم.
ويعتبر نجم الثريا أول نجوم الصيف حيث يشتد الحر ويندر المطر وتكثر الرياح والعواصف المثيرة للأتربة والغبار. كما تغور المياه وترتفع عاهات الثمار وترتج البحار. وتقول العرب عند ظهور الثريا: «إذا طلع النجم فالحر في حدم والعشب في حطم والعاهات في كدم». كما تقول أيضا «إذا طلع النجم غدية ابتغى الراعي شكية». والمقصود بـ «حدم» الشدة و»كدم» الزيادة و»شكية» القربة الصغيرة. وفي وقت الثريا تبدأ بواكير النخيل بالتلون والثمار بالنضج ويطيب ركوب الخليج العربي للغواصين من أجل استخراج اللؤلؤ.
وتتكون الثريا من مجموعة من النجوم أشهرها سبعة، وقد عرفت منذ القدم بـ «الأخوات السبع» وتبعد عن الأرض ما بين 400-500 سنة ضوئية تقريبا. ويقدر الفلكيون عمر الثريا بعشرين مليون سنة. أما حجمه فيقدر بتسعة أضعاف حجم الشمس وحرارته بخمسة أضعاف حرارتها أيضا. ويقول العلماء إن مقدار ضوء أكبر نجم من نجوم الثريا يفوق أضعاف ضوء الشمس مئات المرات. وتجدر الإشارة إلى أن القمر يقارن الثريا مرة واحدة كل شهر قمري. وقد التقطت أول صورة للثريا بواسطة الكاميرا في كل من بريطانيا وفرنسا ما بين عامي 1885- 1889م.
وفي القرآن الكريم وردت ألفاظ النجوم في مواقع عديدة. كما سميت سورة من سوره بالنجم حيث قال تعالى: (والنجم إذا هوى) سورة النجم الآية «1» وجاء في أحد أقوال المفسرين أن المراد بالنجم في هذه الآية هو نجم الثريا. ومع أن الكون به عدد لا يحصى من النجوم والكواكب والمجرات إلا أن هذا الكون هائل ولا تستطيع أن تدركه العقول البشرية مهما أوتيت من علم. وقد اقتضت حكمة الله خلق هذه النجوم والكواكب والمجرات لحكمة هو أعلم بمراده. كما جعلها زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدي بها الإنسان في تحديد الوقت والزمن والاتجاه.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة