بداية رغم أنه لا يوجد تعريف محدد ويطبق عالمياً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فهو يختلف من دولة إلى أخرى فبعضها يربطه بعدد العمالة في المؤسسات أو الشركات وأخرى بحجم رأس مال المستثمر والبعض الآخر يجمع بين المؤشرين معاً، وفي المملكة يؤخذ بعامل رأس المال كمعيار في أكثر من هيئة حكومية ويتراوح بين مليون ريال فأقل وما بين مليون وخمسة ملايين ريال في هيئات حكومية مالية أخرى. وهذه المؤسسات تشكل أكثر من 80% - 90% من عدد المؤسسات العاملة بالمملكة ويبلغ عددها نحو 500 ألف شركة ومؤسسة والأهم من كل ذلك ما هي الجهة الحكومية التي ترعاهم؟ والإجابة مع الأسف لا أحد فهم كيتيم الأم والأب، رغم أن كل التوجيهات السامية دائماً ما توجه برعاية هذا القطاع الهام في المملكة اجتماعياً واقتصادياً. فهذا القطاع يعتبر العمود الفقري في كل اقتصاد.
لعل أهم مشكلات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو التمويل بجميع أشكاله وألوانه وحجمه سواء من القطاع الخاص (البنوك)، والتي لها كامل الصلاحيات في فرض شروطها وبكل المساندة من الجهات الحكومية المختصة. هذا إذا علمنا أن هذه المؤسسات تحتاج إلى أكثر من 100 مليار ريال وهذه المنشآت تشغل نحو 80% من إجمالي القوى العاملة وأن نسبة السعوديين بحدود 13% بسبب تفضيل السعوديين العمل بالقطاع الحكومي حتى لو كانت رواتبهم أقل بكثير من القطاع الخاص وبدعوى الاستقرار والأمان الوظيفي!!
وأيضا من مشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة نقص الموارد البشرية المؤهلة ونقص المعلومات، وعدم وجود حوافز حكومية وكذلك من القطاع الخاص، والذي يجب ان يكون السند الأكبر لهذه المنشات كما هو في الدول المتقدمة وكمثال في اليابان، الشركات الكبرى تستعين بآلاف المنشات الصغيرة لإنتاج المنتجات والخدمات التي تحتاجها. فمثلاُ صناعة السيارات (وهي صناعة رئيسية) تحتوي على أكثر من 2000 قطعة معظمها مستهلكة disposable بمعنى أن لها عمرا زمنيا محددا كالفلاتر مثلاً. لذلك هناك آلاف الشركات المرتبطة بالكامل في إنتاجها لشركة كبرى واحدة فقط. لذلك وقبل أن أعود إلى تفصيل عقبات التمويل البنكية التجارية والمؤسسات التمويلية الحكومية من المهم الإشارة إلى أهمية إنشاء جهة حكومية واحدة تعنى بهذا القطاع لأهميته، وأن يتم إمداده بتسهيلات وحوافز للتدريب والسعودة وتقنية المعلومات.
ولعل أكبر العقبات والمشكلات لتطوير هذه المنشآت هو التمويل، فباختصار حتى المؤسسات الحكومية لا تستثنى هذا القطاع من الإجراءات المعقدة مما يعني إذا لم يكن لديك رأسمال فلا قرض يعني (مالك سنع عندنا). وهذا ينطبق على برنامج كفالة، والصندوق الصناعي وكذلك بنك التسليف والادخار أيضاً.
أما البنوك التجارية فهي تغرد خارج السرب. فإليكم قصة إحدى المؤسسات مع أحد البنوك الكبيرة والتي تساهم الحكومة في رأسماله طلبت إحدى المؤسسات الصغيرة تغطية ضمان بنكي لعقد حكومي مدته ثلاث سنوات، فطلبت منه تغطيه 100% لكامل الضمان نقداً مع الفوائد العالية لمدة ثلاث سنوات وأن يتم عدم التصرف أو الاستفادة من كامل مبلغ الضمان حتى نهاية مدة الضمان. أو تقديم أسهم درجة أولى وبنسبة 110% من بنوك أحدهما أحد البنوك الكبيرة شبة الحكومية والجديدة في السوق ماعدا 2 منها مبلغ الضمان وعدم قبول العقار أو أسهم في شركات غير مدرجة وخارج نطاق الفئة (أ)!!
من العرض السابق يتضح لنا تعطيل أكثر من 80% من المؤسسات السعودية في المشاركة في التنمية الاقتصادية، كما أن هذه المؤسسات بإمكانها بعد مساعدتها وإصلاح أوضاعها، المساهمة في تشغيل نحو مليون مواطن سعودي إذا وضع نظام فعال لمكافحة التستر (هذا الموضوع يحتاج إلى مقالة خاصة) الذي يتفشى في المجتمع التجاري وبشكل علني وبدون رقابة وكأنه لا يوجد وزارة مختصة بتطبيق نظام مكافحة التستر إنه نظام قديم عفا عليه الزمن ويحتاج إلى تعديل. ولعلنا ما زلنا نتذكر نتائج التستر بعد حرب الخليج الثانية وهروب عدد من العمالة المتستر عليها وتحميل المتسترين خسائر كبيرة.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام، يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأ نصرنك ولو بعد حين) صحيح الجامع: 117.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيد الاستغفار أن يقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة). رواه بخاري
لا تظلمن إن كنت مقتدراً
فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عينك والمظلوم منتبه
يدعي وعين الله لم تنم
والله من وراء القصد؛؛؛
مستشار إداري واقتصادي
musallammisc@yahoo.com