أحسب أن المرحلة الراهنة،تتطلب بشكل ملح, تضافر، وتلاحم الأسرة، على الأقل للإجابة عن أي سؤال يحوك في صدور أفرادها، ولا ما يمنع من المشاركة في الإجابة، ومناقشة الاختلاف فيها، والوصول في نهايات الحوار إلى قناعات متقاربة، تسدد خانات الحيرة، وقلق الجهل، فتصد ريح التشتت، ومؤثرات الآخرين، و تنتقي من هؤلاء الآخرين من يتفق منهجا وسلوكا.. على مظنة أن هناك خطوطا للمقبول والمرفوض، و الصواب والخطأ، والأبيض والأسود، فيما ستقره الجماعة، في ضوء توحد الأسرة حول طاولة أهداف، وغايات، تجعل منها لبنة جيدة في المجتمع الأوسع.. إذ بها يتمكن الوالدان من صلاح أبنائهما، والاطمئنان على سيرهم، ومن ثم نتائج محصلاتهم من الخبرات، والرفاق، والقناعات، والمواقف..حين يكونون أعضاء فاعلين في حوارات الأسرة، واتخاذ قراراتها وتشكيل قناعات مشتركة عند خطوط ذات قيمة. مثل هذه المسؤولية المشتركة, تمنح صغير العائلة دورا يتناسب وقيمته، بوصفه فردا إنسانا له شخصيته المستقلة المقدرة، وبالتالي تقدير رأيه، وتوجيه قناعاته، أو تبنيها، تماما كما يعطي دور والديه، ومن يملك قدرة التأثير الإيجابي، وذلك بالطرق المناسبة بين أفراد الأسرة.. ولأن خصائص الأفراد تتفاوت، والتربية المناسبة في هذا الوقت، وإمكانية التدخل المناسب في الشأن التربوي، في مقابل خصائص الناشئة, مع كمية ما يتلقونه من خبرات، ومعلومات, ومختلف آراء، وألوان توجهات، يجعل من هذه الطريقة في الاحتواء سبيلا لسلامة توجه الأبناء، والإمساك بزمام أمورهم، وضبط جماح انفلاتهم، دون أن يكون ذلك بالفرض، أو القوة، أو التأثير التسلطي، بل هم في هذا التضافر، وحلقات الحوار الأسري، والتقارب في الأدوار مع الكبار في البيت، والثقة في تبادل الآراء بين أفراده، وحرية الحوار بينهم، واحترام الكبير فيه للصغير، يجعل من هؤلاء أفرادا قادرين على التحكم في كل أمر من شأنه أن يكون صورة لهم، وسمة لشخصياتهم، بل مرآة تعكسهم في نواظر الآخرين، فلا يكون هدفٌ لهم، إلا أن يمثلوا أجمل الصور، ويتحلوا بأنقى, وأميز الصفات، والسلوك.
لقد تغيرت منهجية التربية، مع ازدياد الحاجة لأساليب تربوية تستهدف عقول الناشئة، وتستميل نفوسهم..
ولا أفضل من هذا النهج، في خضم تغيرات جذرية في الحياة من حولهم.