ماذا لو أن السياسي في بلادنا لم يتخذ قبل عقود من الزمن موقفا حازما حيال فتح مجال التعليم النظامي للمرأة، أي ماذا لو أن السياسي استسلم آنذاك للرأي المتشدد القاضي بحجب فرصة التعليم المدرسي عن المرأة. دعونا فقط نتصور ما يمكن أن نسمعه اليوم من مقولات متشددة لو أن التعليم المدرسي للمرأة لا زال ممنوعا حتى يومنا هذا ثم طرح الموضوع للحوار، قد تسمع من المثبطين من يقول أن مدارسنا عاجزة اليوم عن استيعاب الأولاد فكيف سيكون الحال لو سمحنا للبنات بالدراسة، وقد تسمع من يقول إذا كانت ميزانية التعليم لا تكاد تكفي لتعليم البنين فكيف سيكون حالنا لو سمحنا للبنات بالدراسة. وقد تسمع من يقول إذا كنا لا نستطيع توفير وظائف كافية للرجال فكيف سيكون الحال عندما يتضاعف الطلب على الوظائف بسبب السماح بتعليم المرأة. وقد تسمع من يقول إننا بالكاد نجد أراضي لبناء مدارس للبنين فكيف سيكون الحال لو سمحنا للبنات بالدراسة النظامية. وقد تسمع من يقول إننا بالكاد نحصل على قبول جامعي للأولاد فكيف سيكون الحال لو سمحنا للمرأة بالتعليم. وقد تسمع من يقول إن خروج المرأة من منزلها للمدرسة قد يفتح باب الاختلاط وقد يكون له عواقب لا تحمد عقباها خصوصا مع تطور وسائل الاتصال. إن كل هذه التخوفات التخيلية كان من الممكن أن تسمعها اليوم لو أننا لم نسمح بتعليم المرأة وتركنا عواقب ذلك تتراكم عبر السنين حتى يصبح من الصعوبة محليا التراجع عنه، ومن الصعوبة عالميا إقناع الآخرين بصحة قرارنا. ما أشبه هذا الحديث بالحديث الملتهب الدائر اليوم حول السماح للمرأة بقيادة للسيارة.