هذا الكم الهائل من التناقضات في منتجات الأغذية والأدوية وكل مستهلك بما فيه المياه التي يشربها الإنسان، لا يعد يمنح الثقة في أي تصريح أو نتيجة يتوصل لها الباحثون، فتارة القهوة محفّزة لنشاط الذهن وأخرى مؤثّرة في الأعصاب، وتارة الغذاء المفيد في وقت يتحوّل إلى ضار هالك للصحة، وهلم جرا الدواء المعالج يصبح سبباً في الأمراض، والعشبة النافعة تتحوّل لضارة، وكل جزء في جسم الإنسان بل في قواه العصبية والعقلية، وفي طهارة دمه من الأدواء، وسلامة بصره من المؤثرات، وحماية عقله من اللوثات من حيث يطمئن المرء عليها عند اتخاذه سبل النجاة من الأمراض الفاتكة بها، تأتيه ريح الأمراض ذاتها أو غيرها من حيث مأمنه...
وأخيراً المياه المعبأة قيل ما يزيد في تركيبتها من نسبة الصوديوم عن خمس فهي ضارة بالصحة، مؤثرة في سلامة الجسد، وما كان ملوناً منها فإنه مهيج للأمراض الخبيثة، وفي السوق جميع المياه المعبأة إلاّ ما قلّ وندر تزيد نسبة الصوديوم فيه عن خمس، وكلها معبأة في أوعية بلاستيكية ثبتت مضارها، ويستمر التحذير من استخدامها.. ثم هذه العبوات التي يستمد مياهها المستهلك في محال التموينات معبأة في أوعية بلاستيكية زرقاء، معرضة للشمس إذ غالبية التموينات تحتفظ بها عند مداخل أبوابها، وحين تمر بمصانع التعبئة تشاهد السيارات الحاملة لها والمعدّة لتوزيعها تقف في ظاهرة الشمس الحارقة...
من يطمئن الشاربين في عز القيظ، ولهيب العطش المشمس..؟
من يؤكد أنّ تعبئة المياه أسلوبا ومدة، وهيئة وأوعية لا تعرض صحة الناس للخطر..؟ من يقول إنّ نسب تكوين المياه المعبأة من المعادن موافقة لمواصفات السلامة..؟
أو.. هل يقوم الناس بغلي المياه كما كانوا، وتبريدها في منازلهم ليطمئنوا على سلامتهم..؟
إذا كان حتى من يستخدم أجهزة التنقية والتصفية المنزلية «الفلاتر» يواجه العديد من الآراء حول جودتها من عدمها، وحول اختلاف سلامتها من تعبئة البكتيريا ومن ثم بثها في مياه الاستخدام للشرب..؟
حتى الماء أصبح سماً ينتطر عافية الشاربين ليفتك بها..
جوعوا واعطشوا، أو صوموا صوماً أبدياً..
إذ يبدو أنّ كل شيء في الزمن الراهن يحرض على صوم العيون والآذان والأفواه... إلاّ الفكر فوحده ما لابد أن يبقى واعياً ويقظاً ونهَّاماً.. في غابة تتكاثر فيها الميكوربات، والفيروسات، وتتنوّع أدواؤها.