تصف المراجع والمصادر التاريخية والبلدانية العرب دائماً بالذكاء والفطنة والمهارة و(الحذاقة) لكن تاريخنا وسجلنا القديم يقدمان معطيات, وربما حقائق مختلفة جداً, فالأرض العربية تتعرض للاحتلال والاغتصاب والاستعمار على مدار سجلها القديم منذ الفترة الكلاسيكية قبل ميلاد المسيح عليه السلام, وفي الفترة المتداخلة في الألف الأول والقرون الأولى التي سبقت الإسلام ولم تعرف المنطقة العربية استقلالاً قبل تاريخها الحديث إلا في الفترة الإسلامية الأولى وأيضا حتى حوالي منتصف القرن الرابع الهجري في العهد العباسي وفيما بعد في العهد العثماني بعد القرن العاشرالهجري, وحتى بداية الاستعمار وسقوط الدولة العثمانية في أوائل القرن الرابع عشر الهجري والقرن العشرين. عانت البلاد العربية من الاستعمار والاضطهاد من الدولة الرومانية, ثم البيزنطية والفارسية والأحباش وأخيراً الدول الأوروبية: البرتغال وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسرائيل. ولم يعرف الوطن العربي استقراراً له حتى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في منتصف القرن العشرين فكانت الدول العربية تخرج من استعمار واضطهاد إلى تسلط آخر كان آخرها الحكومات العسكرية التي استلمت السلطة وتلونت بين النظامين العسكري والمدني, حتى تحركت الشعوب العربية ووقفت في الساحات كالرماح رافعة شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) ومع ذلك بدأ الرؤساء العرب بالمماطلة والتسويف وطلب التمديد لأسابيع وأشهر, أو عدم الاعتراف بثورات شباب الميادين. وفي نهاية الأمر الرئيس التونسي أصبح معلقاً في السماء يبحث عن ملجأ وإيواء.
والرئيس المصري في انتظار المحاكمة هو وأبناؤه وزوجته وأعوانهم. والرئيس الليبي من زنقة إلى زنقة مختبئاً تحت الأقبية في سراديب طرابلس, والرئيس السوري تقطعت به الأسباب ودخل حرباً وباروداً مع شعبه, والرئيس اليمني كما قال لشعبه: فاتكم القطار, لكن هو أيضاً فاته القطار, وخرج من اليمن بإصابات وشظايا في مختلف أنحاء جسده.
فهل تعلم العرب يا ترى فكرة تؤمن بها شعوب الأرض وهي (الحيلة ألا تكون لك حيلة) ثم هل نحن حقاً أذكى وأفطن وأمهر شعوب الأرض, ومع ذلك ما نزال غارقين في سلسلة طويلة من الاستعمار؟!